مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه303
حدثنا النضر بن إسماعيل أبو المغيرة القاص، حدثنا الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينا رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين أخضرين، يختال فيهما، أمر الله الأرض فأخذته، وإنه ليتجلجل فيها إلى يوم القيامة " (2)
الكِبْرُ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنوبِ، وَأَكْبَرِ الآثامِ، وقدْ نَهَى اللهُ عنه نَهْيًا شَديدًا، وتَوَعَّدَ أصْحابَ الكِبْرِ بأشدِّ العَذابِ؛ حيثُ خَلَقَ اللهُ عِبادَه كُلَّهم سَواسيَةً، لا فَضْلَ لِأَحَدٍ على أَحَدٍ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "خَرَجَ رَجُلٌ ممَّن كان قبلَكم في حُلَّةٍ له" والحُلَّةُ ثَوْبٌ من قِطْعتيْنِ إزارٍ ورِداءٍ، "يَخْتالُ فيها" من الاخْتيالُ وهو التَّكبُّرُ في المَشْيِ، فكأنَّ المُخْتالَ تخيَّل فَضيلَةً في نَفْسِه على غيْرِه، فاخْتالَ مُتَكبِّرًا بها في مَشْيِه على غيْرِه، "فأَمَرَ اللهُ الأرْضَ، فأَخَذَتْه"، أي: انْهارَتْ به، فَدَخَلَ فيها، "فهو يَتَجَلْجَلُ فيها إلى يوْمِ القِيامَةِ"، أي: يَتَحَرَّكُ وَيَضْطَرِبُ وهو يَنزِلُ وَيَغوصُ في باطنِ الأرضِ إلى قِيامِ الساعَةِ؛ فقِيلَ: هذا العَذابُ يَحْدُثُ له في باطِنِ الأرضِ وهو حَيٌّ، وَقِيلَ: بل لما انْخَسَفَتْ به الأرضُ دُفِنَ فَماتَ، وَتَجَلْجُلُه فيها إلى قيامِ الساعَةِ مِنْ عذابِ قَبْرِه، ويُفيدُ هذا الحديثُ ترْكَ الأَمْنِ من تَعْجيلِ المُؤاخَذَةِ على الذُّنوبِ، وأنَّ عُجْبَ المَرْءِ بنَفْسِه وثَوْبِه وهَيْئتِه منهي عنه وكَبيرةٌ.
وفي الحديثِ: إثباتُ الخَسْفِ لِلْعاصينَ.