مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه445
حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أسوأ الناس سرقة، الذي يسرق صلاته "، قالوا: يا رسول الله وكيف يسرقها؟ قال: " لا يتم ركوعها ولا سجودها (1)
الصَّلاةُ عِبادةٌ تَوْقيفيَّةٌ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أركانَها، وكيفيَّاتِها، وآدابَها، ومِن ذلِكَ أنْ يُؤْتَى بكُلِّ رُكْنٍ فيها على الوَجْهِ الأكمَلِ له.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أسوَأُ النَّاسِ سَرِقةً"، أي: أشَدُّهم قُبحًا وأعظمُهم جُرمًا في السَّرِقةِ، "الَّذي يَسرِقُ من صَلاتِهِ" فشبَّهَ السَّرِقةَ من الصَّلاةِ كمَن أخَذَ ما ليس له أخْذُهُ في خَفاءٍ، وجَعَلَهُ الأسوأَ؛ لأنَّ أخْذَ مالِ الغَيرِ رُبَّما يَنتَفِعُ به في الدُّنيا، ويَستحِلُّ من صاحِبِهِ أو تُقطَعُ يَدُهُ، فيَتخلَّصُ من العِقابِ في الآخِرةِ، بخِلافِ هذا السَّارِقِ؛ فإنَّه سرَقَ حقَّ نَفسِهِ من الثَّوابِ، "قالوا: يا رسولَ اللهِ، وكيف يَسرِقُ من صَلاتِهِ؟ قال: لا يُتِمُّ رُكوعَها ولا سُجودَها -أو قالَ: لا يُقيمُ صُلبَهُ في الرُّكوعِ والسُّجودِ"، والمُرادُ بالسَّرِقةِ من الصَّلاةِ؛ بأنْ يَستَعجِلَ الرُّكوعَ والسُّجودَ، فلا يَأْتي المُصلِّي بهما على الوَجهِ الأكمَلِ والباعِثِ للخُشوعِ والطُّمَأنينةِ، وقد جاءَ في تَمامِ الرُّكوعِ والسُّجودِ ما جاءَ عِندَ ابنِ ماجَهْ: "إذا ركَعَ سوَّى ظهْرَه، حتَّى لو صُبَّ عليه الماءُ لاستَقَرَّ"، وكذلِكَ ما رواهُ أبو داودَ والنَّسائيُّ: "ثُمَّ يُكبِّرُ ويَركَعُ حتى تَطمَئِنَّ مَفاصِلُهُ وتَسْتَرخي، ثُمَّ يقولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ، ثُمَّ يَسْتوي قائِمًاحتى يُقيمَ صُلْبَهُ، ثُمَّ يُكبِّرُ ويَسجُدُ حتى يُمكِّنَ وَجهَهُ.