‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه542

مسند احمد

‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه542

حدثنا يونس، وسريج، قالا: حدثنا فليح، عن أيوب بن حبيب، عن أبي المثنى الجهني قال: سمعت مروان وهو يسأل أبا سعيد الخدري: هل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس وهو يشرب في إنائه؟ فقال أبو سعيد: نعم. فقال له رجل: يا رسول الله، فإني لا أروى من نفس واحد؟ قال: " فإذا تنفست، فنح الإناء (1) عن وجهك "، قال: فإني أرى القذى (2) فأنفخها؟ قال: " فإذا رأيتها فأهرقها، ولا تنفخها " (3)

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُعلِّمُ أُمَّتَهُ ما ينفَعُهم في أُمورِ دِينِهم ودُنياهم، حتَّى يُصيبوا خَيرَيِ الدُّنيا والآخِرةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ التَّابعيُّ أبو المُثَنَّى الجُهَنيُّ: "سَمِعتُ مَرْوانَ"، وهو ابنُ الحَكَمِ، وكانَ أميرًا على المدينةِ حينئذٍ لمُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ رضِيَ اللهُ عنه، "وهو يَسأَلُ أبا سَعيدٍ الخُدْريَّ: هل نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أنْ يتنفَّسَ وهو يَشرَبُ في إنائِهِ" يُخرِجُ الهواءَ من فَمِهِ أو أنْفِهِ في الإناءِ أثْناءَ الشُّربِ، "فقال أبو سَعيدٍ: نَعَمْ" منَعَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يتَنفَّسَ الشَّارِبُ في الإناءِ الَّذي سيَشرَبُ منه؛ أو يَنفُخَ فيه، سواءٌ كان ماءً أو غيرَه مِن أنْواعِ الشُّربِ، وقيلَ: يَشمَلُ ذلِكَ الحُكمُ المأكولاتِ أيضًا؛ وذلِكَ بأنْ يَكونَ الشَّرابُ الَّذي سيَشرَبُهُ ساخِنًا، فيُريدَ أنْ يُبرِّدَهُ فيَنفُخَ فيه، أو يتَنفَّسَ في الإناءِ وهو يشرَبُ منه، وقيلَ: علَّةُ النَّهيِ عن التَّنفُّسِ والنَّفخِ في الإناءِ حتَّى لا يَطيرَ شيءٌ مِن الفَمِ؛ فيُصيبَ الشَّرابَ؛ فيَتقَذَّرَ النَّاسُ، أو يَفسَدَ الشَّرابُ، فأمَرَ بالتَّأدُّبِ في ذلِكَ، "فقالَ له رجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، فإنِّي لا أَرْوى من نَفَسٍ واحِدٍ؟" فإذا شَرِبتُ لا أشبَعُ ولا أرْتَوي بالشُّربِ مرَّةً واحِدةً، وذلِكَ يَسْتَدْعي الشُّربَ مرَّاتٍ مُتكرِّرةً؛ ممَّا يُؤدِّي التَّنفُّسَ في الإناءِ؛ فكيفَ أفعَلُ؟ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فإذا تنفَّستَ، فنَحِّ الإناءَ عن وَجْهِكَ"، والمَعْنى: إذا أرَدْتَ أنْ تتَنفَّسَ أثْناءَ الشُّربِ فأبْعِدِ الإناءَ عن وَجْهِكَ وفَمِكَ حتَّى لا تتَنفَّسَ فيه، فالتَّنفُّسُ يكونُ خارِجَ الإناءِ أثناءَ الشُّربِ، قال الرَّجُلُ: "فإنِّي أرَى القَذى فأنَفُخُها؟"، والقَذى هو ما يقَعُ في الشَّرابِ مِن تُرابٍ، أو وسَخٍ، أو قَذَرٍ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فإذا رأيْتَها فأهْرِقْها، ولا تَنفُخْها"، أي: أَزِحِ القَذاةَ، وأَلْقِها من الشَّرابِ، ولا تَنفُخْ فيه لإخْراجِها أو إبْعادِها؛ فمَن وجَدَ شيئًا في الشَّرابِ فَلْيُبعِدْه بسَكبِ بَعضِ الماءِ دونَ اللُّجوءِ للنَّفخِ فيه.
وفي الحَديثِ: إرْشادٌ إلى البُعدِ عن كُلِّ ما يُستَقذَرُ فِعلُهُ على الطَّعامِ والشَّرابِ( )