مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه543
مسند احمد
حدثنا إسماعيل بن محمد يعني أبا إبراهيم المعقب، حدثنا مروان يعني ابن معاوية الفزاري، حدثنا عمر (1) بن حمزة العمري، حدثنا عبد الرحمن بن سعد، مولى آل أبي سفيان، (2) سمعت (3) أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها " (4)
إنَّ تَحقيقَ السَّلامةِ في العَلاقاتِ الزَّوجيَّةِ وطَلبَ المودَّةِ والرَّحمةِ هوَ مِنَ الحِفاظِ عَلى هَذا الرِّباطِ والمِيثاقِ الَّذي جعَلَه اللهُ ميثاقًا غليظًا؛ ووصَفَه بالغِلَظِ لقوَّتِه وعِظَمِه.
وفي هَذا الحَديثِ يُخبرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أَعظمَ خيانةٍ للأَمانةِ ونَقضِها وهَتكِها، وأَعظمَها عُقوبةً عندَ اللهِ يومَ القِيامةِ يَومَ ظُهورِ الجَزاءِ، خِيانةُ الرَّجلِ لزَوجتِه «الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ» وهو كنايةٌ عنِ المُعاشَرةِ والمُلامَسةِ الَّتي تكونُ بينَ الزَّوجَينِ، والمرادُ به هنا: كلُّ ما يخُصُّ أسْرارَ الزَّوجيَّةِ، وما أودَعَه الزَّوجُ إلى الآخَرِ، ثُمَّ إنَّ الرَّجلَ بعدَ هذا يَنشُرُ سِرَّها، والمُرادُ بِه ما يَكونُ مِن عُيوبِ البَدنِ الباطِنةِ، ويَحتمِلُ أنَّ المرادَ وَصفُ ما يَجْري بينَ الزَّوجَينِ من أُمورِ الاستِمْتاعِ وما يَجْري منَ المرأةِ من قَولٍ أو فِعلِ حالةِ الجِماعِ، وهَذا وَعيدٌ شَديدٌ، وتَحْذيرٌ لمَن يُفْشي سرَّ زَوجِه، والمرادُ تَوْجيهُ النُّصحِ للزَّوجَينِ معَ التَّحْذيرِ من أنْ يُذيعَ أحدٌ سرَّ الآخَرِ، فلا يُذيعُ الرَّجلُ سرَّها ولا تُذيعُ المرأةُ سرَّه، ولكنِ اكْتَفى بذِكرِ أحدِ المُتقابِلَينِ -وهو الزَّوجُ- ليُشيرَ به إلى الآخَرِ، أو لم يذكُرْ إفْشاءَ الزَّوجةِ لسرِّ زَوجِها؛ لأنَّ الأصْلَ في المرأةِ السِّترَ وإخْفاءَ ما يخدِشُ الحياءَ، وهي -لحَيائِها- يقِلُّ منها وقوعُ ذلك، بخلافِ الرَّجلِ الَّذي يُتوقَّعُ منه حصولُه.