مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه647
مسند احمد
حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، وهما رجلان من الأنصار من بني مازن بن النجار، وكانا ثقة، عن يحيى بن عمارة بن أبي حسن، وعباد بن تميم، وهما من رهطهما وكانا ثقة، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمس أوسق من التمر صدقة " (2)
بيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الزَّكاةِ للأنواعِ المختلِفةِ مِن الأموالِ، وبيَّنَ الأنصِبةَ الَّتي تجبُ فيها الزَّكاةُ، والحدَّ الأدْنى الذي لا تَجبُ فيه.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ليس على مَن لم يَملِكْ خَمْسَ أواقٍ مِن الفِضَّةِ زكاةٌ، والأُوقيَّةُ: أربعونَ دِرهمًا، والمُرادُ بالدِّرهمِ الخالِصُ مِن الفِضَّةِ، والخمْسُ أواقٍ تُساوي مِئتَيْ دِرهمٍ، وما زادَ ففي كلِّ أربعينَ دِرهمًا دِرهمٌ، وتَقديرُ ذلك بالموازينِ الحَديثةِ يُساوي تقريبًا 595 جرامًا من الفِضَّةِ الخالِصةِ.
وليس على مَن لم يملِكْ خَمْسَ ذَوْدٍ مِن الإبل زَكاةٌ، والذَّودُ هو أوَّلُ اسمِ جَماعاتِ الإبلِ وهو ما بيْنَ الثَّلاثِ إلى العَشرِ، فمَن ملَكَ مِن الإبلِ أربعةً فلا شَيءَ فيها، ومَن ملَكَ مِن خمسٍ إلى تِسعٍ يجِبُ فيها شاةٌ واحِدةٌ، فإذا زادَ هذا النِّصابُ زادتِ الزكاةُ بحَسَبِ التَّفاصيلِ المذكورةِ في الرِّواياتِ.
وليس على مَن لم يملِكْ خمْسةَ أوسُقٍ مِن الحُبوبِ والثِّمارِ زكاةٌ، والوَسْقُ: سِتُّونَ صاعًا، فالخَمسةُ أوسُقٍ نِصابُ الزَّكاةِ: ثَلاثُمِئةِ صاعٍ، ويُساوي تقريبًا 653 كيلو جِرامٍ بالموازينِ الحَديثةِ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ الفَواكهَ والخَضْراواتِ لا زكاةَ فيها؛ لأنَّها ليستْ ممَّا يُكالُ كالحبوبِ والثِّمارِ، وأيضًا ليستْ ممَّا يُدَّخَرُ ويُتَّخَذُ قُوتًا، والزَّكاةُ إنَّما تجبُ في الأقواتِ الَّتي تخرُجُ مِن الأرضِ؛ كالتَّمرِ والزَّبيبِ والبُرِّ والشَّعيرِ والأرزِ والذُّرةِ، وغيرِ ذلك.
فهذا الحَديثُ أصلٌ في بيانِ مَقاديرِ أنصِبةِ الأموالِ الَّتي تجبُ فيها الزَّكاةُ، فنِصابُ الفِضَّةِ مِئَتا دِرهمٍ، ونِصابُ الإبِلِ خمْسةٌ، ونِصابُ الحُبوبِ والثِّمارِ الَّتي تُكالُ ثلاثمائة صاع.