مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه666

مسند احمد

مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه666

حدثنا علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله، أخبرنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك، فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا ربنا (1) ، فأي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم (2) بعده أبدا " (3)


الجنَّةُ فيها ما هو أعظَمُ نِعمةً، وأكثَرُ سعادةً مِن دُخولِها، وهو الرِّضوانُ الإلهيُّ الذي لا يساويه شيءٌ من نِعَمِ اللهِ، وإنما كان هذا الرِّضوانُ أكبَرَ؛ لأنَّه سَبَبُ كُلِّ فَوزٍ وكرامةٍ، وطريقٌ إلى رؤيةِ اللهِ تعالى، كما يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ، وهو أنَّ اللهَ تعالَى يُكلِّمُ أهلَ الجنَّةِ، ويقولُ لهم: «يا أهلَ الجنَّةِ»، فيَرُدُّون عليه قائلين: «لَبَّيْكَ ربَّنا وسَعْدَيْكَ»، ومعناها: نجيبُك إجابةً بعْدَ إجابةٍ، وإسعادًا بعْدَ إسعادٍ، فيَقولُ لهمْ مَوْلاهم: «هلْ رَضِيتُم؟ فيَقولون: وما لنا لا نَرْضَى وقد أَعْطَيْتَنا ما لم تُعطِ أحدًا مِن خَلْقِك؟»؛ وذلك بإدخالِهم الجنَّةَ وإنقاذِهم مِن النارِ، وتَنعُّمِهم بما في الجنَّةِ مِن أنواعِ النَّعِيمِ، فيقولُ سُبحانَه: «أنا أُعطِيكم أفضَلَ مِن ذلك»، قالوا: «يا ربِّ، وأيُّ شَيءٍ أفْضَلُ مِن ذلك؟» فيقولُ: «أُحِلُّ عليكم رِضْوَانِي»، أي: أُنزِل عليكم دَوَام رِضْوانِي؛ فإنَّه لا يَلزَمُ مِن كَثرةِ العطاءِ دَوامُ الرِّضا؛ ولذا قال: «فلا أَسْخَطُ» ولا أَغْضَبُ «عليكم بعْدَه أبدًا»، وقولُه تعالَى: «أفضلُ مِن ذلك» هو مِصداقٌ لِقَولِ اللهِ تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 72].
وفي الحَديثِ: كَلامُ اللهِ عزَّ وجلَّ مع أهلِ الجَنَّةِ.
وفيه: أنَّ النَّعيمَ الذي حَصَلَ لأهلِ الجَنَّةِ لا مَزيدَ عليه.
وفيه: أنَّ مقامَ الرِّضا فوق جميعِ المقاماتِ.