مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه698
مسند احمد
حدثنا ابن فضيل، حدثنا سالم يعني ابن أبي حفصة، والأعمش، وعبد الله بن صهبان، وكثير النواء، وابن أبي ليلى، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم، كما ترون النجم الطالع في أفق (1) من آفاق السماء، ألا وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما " (2)
جيلُ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم خَيرُ القُرونِ، وهم أيضًا خَيرُ هذه الأُمَّةِ؛ وذلك لِما قاموا به مِن نُصرةِ هذا الدِّينِ والصَّبرِ على الأذى في سَبيلِه، وكانوا سَبَّاقينَ في كُلِّ خَيرٍ، ومِن خيارِ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبو بَكرٍ وعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهما، وفضائِلُهما ومَناقِبُهما كَثيرةٌ، ومِنها ما جاءَ في هذا الحَديثِ؛ حَيثُ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ أهلَ الجَنَّةِ ليَرَونَ أهلَ عِلِّيِّينَ. وهيَ أشرَفُ الجِنانِ وأعلاها، أي: أهلُ الجَنَّةِ الذينَ هم فيها يَرَونَ أصحابَ المَنازِلِ العاليةِ كما تَرَونَ الكَوكَبَ الدُّرِّيَّ، وهو الشَّديدُ الإنارةِ، نُسِبَ إلى الدُّرِّ في صَفائِه وحُسنِه، وإن كان الكَوكَبُ أكثَرَ ضَوءًا مِنَ الدُّرِّ، في أُفُقِ السَّماءِ، أي: ناحيَتِها، وإنَّ أبا بَكرٍ وعُمَرَ لمنهم، أي: إنَّ أبا بَكرٍ وعُمَرَ مِن أهلِ عِلِّيِّينَ ومِن أصحابِ المَنازِلِ العاليةِ، وأنعَمَا! أي: زادا فَضلًا، يُقالُ: أحسَنتَ إليَّ وأنعَمتَ: أي: زِدتَ عليَّ الإنعامَ. وقيلَ: مَعناه: صارا إلى النَّعيمِ ودَخلا فيه. والمَعنى: أنَّهما أهلٌ لتلك المَنزِلةِ، فقال إسماعيلُ بنُ أبي خالِدٍ أحَدُ رُواةُ الحَديثِ، وهو جالِسٌ مَعَ مُجالِدٍ على الطِّنفِسةِ، وهيَ البِساطُ الذي له خَملٌ رَقيقٌ: وأنا أشهَدُ على عَطيَّةَ العَوفيِّ أنَّه شَهِدَ على أبي سَعيدٍ الخُدريِّ أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ ذلك، أي: شَهِدَ كُلُّ راوٍ للآخَرِ بأنَّ كُلَّ واحِدٍ سَمِعَه مِمَّن حَدَّثَه، وأنَّ أبا سَعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه سَمِعَه مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحَديثِ تَفاوُتُ أهلِ الجَنَّةِ فيما بَينَهم في المَنازِلِ.
وفيه مَنقَبةٌ لأبي بَكرٍ وعُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما .