مسند أبي هريرة رضي الله عنه 176
مسند احمد
حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج [ص:249]، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا رجل يمنح أهل بيت ناقة، تغدو بعس، وتروح بعس، إن أجرها لعظيم»
يَنبغي على المسلمِ أنْ يَعلَمَ أنَّ صَدَقَتَه تَقَعُ عندَ اللهِ تَعالى، فيَنْبغي له أنْ يَختارَ ما يَتصدَّقُ به، ولا يَتحرَّى أسْوَأَ ما يَملِكُه للتَّصدُّقِ؛ لأنَّ هذه الصَّدقةَ في حَقيقةِ الأمرِ هي الباقِيةُ له، وما أَنفَقَ مِن مالِه في الدُّنيا فهو ضائِعٌ
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فضْلَ المَنِيحَةِ، وَهِي النَّاقَةُ أو الشَّاةُ ذَاتُ اللَّبَنِ تُعطَى لِيُنتَفَعَ بِلَبَنِها، ثُمَّ تُرَدُّ إلى أصحابِها، فيَقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «نِعْمَ المَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً»، وكَلِمةُ (نِعْمَ) تُقال للمَدْحِ، عكْسَ «بِئسَ» التي تُقالُ للذَّمِّ، واللِّقْحَةُ: هي النَّاقةُ الحَلُوبُ القريبةُ العهْدِ بالوِلادةِ، والصَّفِيُّ: الكريمةُ كَثيرةُ اللَّبَنِ
وكذا مَنيحةُ الشَّاةِ المتميِّزةِ بلَبَنِها وكَثرةِ خَيرِها، نِعْمَ الصَّدقةُ هذه، حيث يَقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «والشَّاةُ الصَّفِيُّ تَغدُو بإناءٍ وتَرُوحُ بإناءٍ»، أي: تُحلَبُ إناءً بالغَداةِ، وإناءً بالعَشِيِّ؛ لكَثرةِ لَبنِها؛ فهذه الصَّدقةُ -منْحُ النَّاقةِ، ومنْحُ الشَّاةِ- هي نِعْمَ الصَّدقَةُ؛ لأنَّها مِن أجوَدِ المال وأطيَبِه، واللهُ طيِّبٌ لا يَقبَلُ إلَّا طيِّبًا
وفي الحديثِ: الأمرُ بالتَّهادِي