مسند أبي هريرة رضي الله عنه 200
مسند احمد
حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمرو، عن يحيى بن جعدة: «إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، وضربت بالبحر مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد»
خَلقَ اللهُ الجَنَّةَ دارَ النَّعيمِ المُقيمِ لأوليائِه الصَّالحينَ، وخَلَق النَّارَ دارَ العَذابِ الأليمِ وجَعَلها عِقابًا للكافِرينَ والعاصينَ، وقد ورَدَتِ النُّصوصُ ببَيانِ عَظيمِ صِفةِ النَّارِ وشِدَّةِ عَذابِها، ومِن ذلك ما أخبَرَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛
حَيثُ قال لأصحابِه مُبَيِّنًا لهم عَظَمةَ نارِ جَهَنَّمَ: إنَّ نارَكُم هذه -أي: نارَ الدُّنيا التي تَنتَفِعونَ بها في الدُّنيا في مَطاعِمِكُم ومَشارِبكُم وفي استدفائِكم بَعدَ أن أُخِذَت مِن جَهَنَّمَ- جُزءٌ مِن سَبعينَ جُزءًا مِن نارِ جَهَنَّمَ، أي: حَرُّها عِبارةٌ عن جُزءٍ يَسيرٍ مِن حَرِّ نارِ جَهَنَّمَ؛ فهيَ بمِقدارِ جُزءٍ مِن سَبعينَ جُزءًا حَقيقةً، وقيل: المُرادُ بالعَدَدِ هنا الكَثرةُ والمُبالغةُ وليسَ خُصوصَ العَدَدِ، وضُرِبَت بالبَحرِ مَرَّتَينِ، أي: أنَّ نارَ الدُّنيا أُلقيَت في البَحرِ مَرَّتَينِ حتَّى تُغسَلَ وتُزالَ شِدَّةُ حَرِّها بَعدَ أن أُخرِجَت مِن جَهَنَّمَ، ولولا ذلك ما جَعَل اللهُ فيها مَنفعةً لأحَدٍ، أي: لولا أنَّ اللَّهَ ألقى نارَ الدُّنيا في البَحرِ حتَّى تَتَخَفَّفَ لم يَستَطِعْ أحَدٌ مِن أهلِ الدُّنيا أن يَقرَبَها ليَتمَكَّنَ مِنَ الانتِفاعِ بها؛ لشِدَّةِ حَرارَتِها
وفي الحَديثِ إثباتُ أنَّ النَّارَ مَخلوقةٌ ومَوجودةٌ الآنَ
وفيه بَيانُ عِظَمِ نارِ الآخِرةِ
وفيه أنَّ نارَ الدُّنيا جُزءٌ مِن نارِ الآخِرةِ قد خُفِّفَت
وفيه فَضلُ اللهِ على عِبادِه ورَحمَتُه بهم
وفيه التَّحذيرُ مِنَ النَّارِ ومِنَ الأعمالِ الموصِلةِ إليها