مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 84
مسند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: صرع النبي صلى الله عليه وسلم من فرس على جذع نخلة، فانفكت قدمه، فدخلنا عليه نعوده، فوجدناه يصلي، فصلينا بصلاته، ونحن قيام، فلما صلى، قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإن صلى قائما، فصلوا، وإن صلى جالسا، فصلوا جلوسا، ولا تقوموا وهو جالس كما يفعل أهل فارس بعظمائها»
الصَّلواتُ الخَمْسُ في جَماعةٍ من نِعَمِ اللهِ على خَلْقِهِ؛ فبها يترابَطُ المجتمَعُ، وبها يَتربَّى على وَحْدةِ الصَّفِّ والتراصِّ، وتوحيدِ الكَلِمةِ، والتَّعاوُنِ، والعَمَلِ الجَماعيِّ دُون كَثْرَةِ الجَدَلِ غيرِ المفيدِ، ومن مُتطلَّباتِها اتِّباعُ الإمامِ والخُشوعُ والهدوءُ والتركيزُ
وفي هذا الحديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "سَقَطَ النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من فَرَسٍ، فجُحِشَ"، أي: جُرِحَ "شِقُّهُ الأَيْمنُ"، أي: جانِبُه الأيْمنُ، "فدَخَلْنا عليه نَعودُهُ"، أي: نَزورُهُ "فحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فصَلَّى قاعِدًا فَصَلَّيْنا قُعودًا، فلمَّا قَضى الصَّلاةَ"، أي: انْتَهى منها، قال: "إنَّما الإِمامُ لِيُؤْتَمَّ به" فيَجِبُ الاقْتِداءُ بأفعالِ الإمامِ في الصَّلاةِ كُلِّها، "فإذا كبَّر فكبِّروا"، أي: يُتَّبَعُ في التَّكْبيرِ لا أنْ يُسْبَقَ به، "وإذا رَكَعَ فارْكَعوا، وإذا رَفَعَ فارْفَعوا، وإذا قال: سَمِعَ اللهُ لمَنْ حَمِدَهُ"، أي: بعدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكوعِ " فَقولوا: رَبَّنا لك الحَمْدُ"، أي: قولوا بعدَ الرَّفعِ مِنَ الرُّكوعِ: اللَّهُمَّ ربَّنا لك الحمْدُ، وهذه فيه عَدَمُ جمْعِ المأمومِ بين قولِه: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ، وبين قولِهِ: ربَّنا ولك الحمْدُ، "فإذا سَجَدَ فاسْجُدوا" بَعْدَه، "وإذا صَلَّى قاعِدًا فَصَلُّوا قُعودًا أجْمَعينَ"، أي: ائْتَمُّوا به، وتابِعوهُ في كُلِّ أفْعالِهِ في الصَّلاةِ
وفي الحديثِ: التأكيدُ على ضَرورةِ اتِّباعِ أفْعالِ الإمامِ في صَلاةِ الجماعةِ
وفيه: بَيانُ حِرْصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على مَعالَمِ الصَّلاةِ وتَعْليمِها لأُمَّتِهِ