مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 85
مسند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، عن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع نخلة، قال: فقالت امرأة من الأنصار كان لها غلام نجار: يا رسول الله، إن لي غلاما نجارا، أفلا آمره أن يتخذ لك منبرا تخطب عليه؟ قال: «بلى» ، قال: فاتخذ له منبرا، قال: فلما كان يوم الجمعة خطب على المنبر، قال: فأن الجذع الذي كان يقوم عليه كما يئن الصبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا بكى لما فقد من الذكر»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ في الجُمُعةِ والأعيادِ وغيرِ ذلك مِن مُناسَباتِ الخَطابَةِ، وهو واقِفٌ على جِذْعِ نَخْلٍ في المسْجِدِ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقومُ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلى جِذْعٍ مَنْصوبٍ"، أي: مُثبَّتٍ "في المسْجِدِ يومَ الجُمُعةِ، فخَطَبَ الناسَ فجاءَه رُوميٌّ، فقال: يا رسولَ اللهِ، ألا أَصْنَعُ لك شيئًا تَقْعُدُ عليه كأنَّك قائِمٌ"، أي: يكونُ عاليًا، فإذا قَعَدْتَ عليه، تكونُ مُرتفِعًا مِثلَ الواقِفِ، "فصَنَعَ له مِنْبَرًا دَرَجَتيْنِ ويَقْعُدُ على الثالِثَةِ، فلمَّا قَعَدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ذلك المِنْبَرِ، خارَ الجِذْعُ كخُوارِ الثَّوْرِ"، أي: بَكَى وأَظْهَرَ صوْتًا مِثلَ صوْتِ الثَّوْرِ "حتى ارْتَجَّ"، أي: امْتَلَأَ وضَجَّ "المسْجِدُ بخُوارِهِ، فنَزَلَ إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فالْتَزَمَهُ"، أي: ضمَّه إلى صَدْرِهِ "فسَكَنَ"، أي: هَدَأَ "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: والذي نَفْسي بيَدِهِ لو لم أَلْتَزِمْه لَمَا زالَ كذا إلى يوْمِ القِيامَةِ حُزْنًا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم أَمَرَ به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدُفِنَ"، ووَرَدَ أنَّه دُفِنَ تحتَ المِنْبَرِ إكْرامًا له، وليكونَ قريبًا من الذِّكْرِ
وفي الحديثِ: مُعجِزةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحَنينِ الخَشَبَةِ إليه، وبُكائِها لفِراقِهِ
وفيه: مَشْروعيَّةُ بِناءِ المنابِرِ في المساجِدِ