مسند أبي هريرة رضي الله عنه 248
مسند احمد
حدثنا سفيان، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، قيل لسفيان: عن أبي هريرة؟ قال: نعم. قيل له: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. «من ابتاع محفلة أو مصراة فهو بالخيار، فإن شاء أن يردها، فليردها، وإن شاء أن يمسكها، أمسكها»
نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلِّ المُعاملاتِ الَّتي يَترتَّبُ عليها ضَرَرٌ للنَّاسِ
كما يُبيِّنُ هذا الحَديثُ بعضًا منها؛ حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا تُصرُّوا الإبِلَ والغَنَمَ" وصَرُّ البَهيمةِ يكونُ برَبطِ الضَّرعِ؛ لِيُحبَسَ لَبَنُها ويُجمَعَ ما في ضَرْعِها عِندَ إرادةِ البَيعِ، فتَبْدو كأنَّها كَثيرةُ اللَّبنِ، فنَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلِكَ؛ لِمَا فيه من الغِشِّ والخِداعِ والضَّرَرِ "فمَنِ اشْتَرى مُصرَّاةً فهو بآخِرِ النَّظَرينِ، إنْ شاءَ ردَّها ورَدَّ معها صاعًا من تَمرٍ" يَعني أنَّ مَن اشتَراها وحَلَبَها ثُمَّ اكتَشَفَ أنَّ البائِعَ خَدَعَهُ، فهو مُخَيَّرٌ بيْنَ شَيئَينِ؛ أنْ يَقبَلَ بها ويُمضِيَ البَيعَ، أو يَرُدَّها على البائِعِ الَّذي خَدَعَهُ، ومعها صاعٌ من تَمْرٍ بَدَلًا منَ اللَّبنِ الَّذي حَلَبَهُ منها، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ولا يَبيعُ الرَّجُلُ على بَيعِ أخيهِ"؛ وذلِكَ بأنْ يَقولَ لِمَنِ اشتَرى سِلعَةً في زَمَنِ الخيارِ: افْسَخْ؛ لأَبِيعَك خيرًا منه بمِثْلِ ثَمنِهِ أو مِثلَه بأنقَصَ، وكذا الشِّراءُ على شِرائِهِ، بأنَّه يقولُ للبائِعِ: افْسَخْ لأَشتَرِيَ منك بأزْيَدَ. "ولا تَسأَلُ المرأةُ طَلاقَ أُختِها لِتَكتَفِئَ ما بصَحْفَتِها" يَعْني: لا تَطلُبُ المرأةُ مِن زَوجِها أنْ يُطلِّقَ ضَرَّتَها؛ لِتَقلِبَ ما في إناءِ أُختِها في إنائِها، لِتستأثِرَ بِخَيرِ زَوجِها وَحْدَها، وتَحرِمَ غَيرَها نَصيبَها منه "فإنَّما لها ما كُتِبَ لها"، وهو ما قدَّرَهُ اللهُ لها من الرِّزقِ، "ولا تَناجَشوا"، وهو أنْ يَزيدَ في ثَمَنِ السِّلعةِ، وهو لا يَرغَبُ في شِرائِها وإنَّما؛ لِيَخدَعَ غَيرَه ويَغُرَّهُ، "ولا تَلَقَّوُا الأجْلابَ"، فهو أنْ يُقابِلَ التُّجَّارَ الَّذين يَأتُون بتِجارَتِهم لِبَيعِها في الأسْواقِ، فيَشترِيَ منهم بِضاعتَهم، ثُمَّ يَبِيعُها هو في أسْواقِ بَلَدِهِ، وهذا فيه ضَرَرٌ على البائِعِ؛ لأنَّه قد يَبِيعُها بأقلَّ مِن ثَمَنِها الحقيقيِّ في أسْواقِ هذا البَلَدِ، كما أنَّ ذلِكَ قد يَضُرُّ بأهْلِ البَلَدِ؛ لأنَّ هذا المشترِيَ قد يَتحقَّقُ له احتِكارُ السِّلعةِ، فيَتحكَّمُ في سِعْرِها؛ ويَزِيدُهُ كما يَشاءُ في الأسْواقِ