مسند أبي هريرة رضي الله عنه 249
مسند احمد
حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: «من أم هذا البيت، فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه»
فَريضةُ الحجِّ هي الرُّكنُ الخامسُ مِن أركانِ الإسلامِ، وهي الفَريضةُ التي تَستوجِبُ مُفارَقةَ المَألوفاتِ والعاداتِ استجابةً لرَبِّ العالَمينَ، وقد وَعَدَ اللهُ تعالَى مَن أدَّاها بحقِّها بأعظَمِ الجَزاءِ
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن حَجَّ للهِ مُبتغيًا وجْهَه بلا رِياءٍ ولا سُمعةٍ، فلَم يَرفُث، بمعنى: فلم يَفعَلْ شَيئًا مِن الجِماعِ أو مُقدِّماتِه، وقيل: الرَّفَثُ اسمٌ للفُحشِ مِن القولِ، ولَم يَفسُقْ، أي: ولَم يَرتكِبْ إثمًا أو مُخالَفةً شَرعيَّةً -صَغيرةً أو كَبيرةً- تُخرِجُه عَن طاعةِ اللهِ تعالَى، وإنَّما صرَّحَ بنَفْيِ الفِسقِ في الحجِّ، مع كَونِه مَمنوعًا في كلِّ حالٍ، وفي كلِّ حِينٍ؛ لزِيادةِ التَّقبيحِ والتَّشنيعِ، ولزِيادةِ تَأكيدِ النَّهيِ عنه في الحجِّ، وللتَّنبيهِ على أنَّ الحجَّ أبعَدُ الأعمالِ عن الفِسقِ. فمَن فَعَلَ ذلك عادَ بعدَ حَجِّه نَقيًّا مِن خَطاياهُ كما يَخرُجُ المولودُ مِن بطْنِ أُمِّه، أو كأنَّه خَرَجَ حِيَنئذٍ مِن بَطْنِ أُمِّه، ليس عليه خَطيئةٌ ولا ذَنْبٌ
وفي الحديثِ: بَيانُ فضْلِ الحجِّ، وأنَّ الحجَّ المُستوفيَ لشُروطِه مُكفِّرٌ للذُّنوبِ جَميعِها صَغائرَ وكَبائرَ، إلَّا ما وَرَدَ في حُقوقِ العِبادِ