مسند أبي هريرة رضي الله عنه 376
مسند احمد
حدثنا حماد بن خالد، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين، فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين»
خَلَقَ الله سبحانه كُلَّ شيءٍ وقَدَّرَه وكَتَبه عِندَه، وقَدَّرَ للجَنَّةِ أهْلَها، وللنَّارِ أهْلَها، ورُبَّما أَشكَلَ على الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم مسائِلُ؛ فيَرجِعونَ بها على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليُفتيَهم
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ الله بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئل عن أولادُ المشركينَ الَّذين ماتوا في صِغَرِهم قبْلَ أنْ يَبلغوا ويَجريَ عليهمُ القلَمُ: هل يَدخلونَ الجنَّةَ أمْ لا؟ فأجاب بأنَّ الله يَعلَمُ حينَ خلَقَهم لو بلَغوا وكَبِروا كيْفَ كانوا سيَعملون، هلْ يُسْلِمونَ أمْ يَكونونَ على دِينِ آبائِهم، فيُجازِيهم بما عَلِم أنَّهُم كانوا سيَفعَلونه لو عاشُوا. وقيل: معناه أنَّ أمْرَهم مُفَوَّضٌ إلى عِلمِ اللهِ تعالَى بحسَبِ عِلمِه بما كانوا عامِلينَ
وقولُه في هذا الحَديثِ: «اللهُ أعلَمُ بما كانوا عامِلينَ» لا يَتنافَى مع القَولِ بامتِحانِ أطْفالِ المشركينَ يومَ القِيامةِ، ويُمكِنُ جُعْلُه دَليلًا على الامتحانِ؛ لأنَّ اللهَ يَعلَمُ ما كانوا عامِلينَ، أي: إنْ نجَحوا وآمَنوا ساعةَ الامتحانِ يومَ القِيامةِ فاللهُ تعالَى سيُدخِلُهمُ الجنَّةَ، وإنْ كفَروا وعَصَوُا اللهَ تعالَى سيُدخِلُهمُ النَّارَ. وذهَبَ بَعضُ أهلِ العِلمِ إلى أنَّ أطفالَ المشركينَ في الجنَّةِ؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحديثِ المتَّفَقِ عليه: «كلُّ مَولودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ»، وذهب بعضُهم إلى التوقُّفِ في الحُكمِ على أطْفالِ المشرِكينَ، وفي المسألةِ خِلافٌ مشهورٌ، والعِلمُ عِندَ اللهِ تعالَى