مسند أبي هريرة رضي الله عنه 390
مسند احمد
حدثنا عبد الأعلى، حدثنا يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: ذكروا عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلا، أو أن رجلا قال: يا رسول الله، إن فلانا نام البارحة ولم يصل حتى أصبح. قال: «بال الشيطان في أذنه»
لقدْ قعَدَ الشَّيطانُ للإنسانِ في كلِّ طَريقٍ؛ ليَحولَ بيْنَه وبيْن طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، والقِيامِ بما أُمِرَ به، لا سيَّما الصَّلاةِ التي هي عِمادُ الدِّينِ، ولا نَجاةَ للعبْدِ مِن كَيدِ الشَّيطانِ وحَبائلِه إلَّا بالاستعانةِ باللهِ عزَّ وجلَّ، والأخْذِ بأسبابِ الوِقايةِ والحِفظِ
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه ذُكِر عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجُلٌ نام حتَّى أصبَحَ ولم يَقُمْ إلى الصَّلاةِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّه رجُلٌ بال الشَّيطانُ في أُذنِه، أي: استخَفَّ به، واحتقَرَه، واستعلَى عليه. وقيل: لا مانعَ مِن حقيقتِه؛ لعدَمِ الإحالةِ فيه؛ لأنَّه ثبَتَ أنَّه يأكُلُ ويَشرَبُ ويَنكِحُ، فلا مانعَ مِن أن يَبولَ. وخَصَّ الأُذنَ بالذِّكرِ دونَ عَينَيه أو بَقيَّةِ حَواسِّه؛ لأنَّ الأُذنَ هي أداةُ الانتباهِ الأُولى، وخَصَّ البَولَ مِن الأخْبثَينِ؛ لأنَّه أسهَلُ مَدخَلًا في التَّجاويفِ، وأوسَعُ نُفوذًا في العُروقِ، فيُورِثُ الكَسَلَ في جَميعِ الأعضاءِ
والمرادُ: أنَّ مَن نامَ عن الصَّلاةِ ولم يَستيقِظْ حتَّى يُصبِحَ، تمكَّن الشَّيطانُ منه، وتحكَّمَ به، وساقَه بعيدًا عن طَريقِ الطَّاعةِ وسَبيلِ الرَّشادِ
وفي الحديثِ: الحذَرُ مِن الشَّيطانِ ووَساوِسِه ومَكايدِه
وفيه: المُبادَرةُ إلى الواجِباتِ، والحذَرُ مِن التَّكاسُلِ عنها