مسند أبي هريرة رضي الله عنه 435
مسند احمد
حدثنا أبو كامل، حدثنا إبراهيم، عن ابن شهاب، وحدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب [ص:28]، عن أبي هريرة، قال إبراهيم: لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: «ولم يشك يعقوب» ، قال: «فضل صلاة الجماعة على صلاة أحدكم وحده خمسة وعشرين جزءا»
حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على صلاةِ الجَماعةِ؛ لِمَا لها من فضلٍ عظيمٍ، وقد ذكَر فضلَها في كثيرٍ من الأحاديثِ، ومنها هذا الحديثُ
الَّذي يقولُ فيه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : تفضُلُ صلاةُ الجمعِ صلاةَ أحدِكم وحْدَه بخَمسٍ وعِشرينَ جُزءًا"، أي: إنَّ صلاةَ الجماعة تَزيدُ عن صَلاةِ المنفرِدِ بخَمسٍ وعِشرينَ دَرجةً، وقد ورَد في بعضِ الرِّواياتِ أنَّها تَفضُلُ صلاةَ الفردِ بسَبعٍ وعِشرينَ دَرجةً، وهذا الاختلافُ راجعٌ لاختلافِ أحوالِ المُصلِّين والصَّلاةِ، فيكونُ لبعضِهم خمسٌ وعِشرون، ولبعضِهم سَبعٌ وعِشرون؛ وذلك بحسَبِ كمالِ الصَّلاةِ، ومحافظتِه على هيئتِها، وخُشوعِها، وكَثرةِ جَماعتِها، وفَضلِهم وشَرفِ البُقعِة، وقيل غيرُ ذلك، وقد كان السَّلَفُ رِضوانُ الله عليهم لا يَتخلَّفون عنها، ويَحرِصون عليها، وقد كان الرَّجُلُ منهم يُؤتَى به إلى الجَماعةِ، وهو يُهادَى بين الرَّجُلينِ، أي: يستندُ إليهما؛ لضعفِه وعدمِ قدرتِه؛ لِما يعرِفُه من فضلِ الجماعةِ، رغبةً في تَحصيلِ ثوابها
"وتجتمِعُ ملائكةُ اللَّيلِ ومَلائكةُ النَّهارِ في صَلاةِ الفجْرِ"، أي: تَجتمِع مَلائكةُ اللَّيلِ ومَلائكةُ النَّهارِ في وَقتِ صَلاةِ الصُّبحِ؛ فهم يَشهَدون الصَّلاةَ في هذا الوقتِ، إمَّا بصَلاتِهم مع النَّاس أو بمُشاهدتِهم لها وشَهادتِهم على مَن يُصلِّيها أو بهذا كلِّه، كما قال الله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]
وفي روايةِ البُخاريِّ: "ويجتمعونَ في صلاةِ الفجرِ وصلاةِ العصرِ، ثم يَعْرُجُ الذينَ باتوا فيكُم، فيَسألُهُم وهو أعلَمُ بِهِم: كيفَ تَرَكتُم عِبادي؟ فيقولون: تَرَكْناهُم وهُم يُصلُّونَ، وأتَيناهُم وهُم يُصلونَ"، أي: يَسأَلُهم كَيفَ تَركتُم عِبادي؟ وهو في غِنًى عَن سُؤالِهم هذا؛ لأنَّه عَليمٌ بِهم، وإنَّما يَسأَلُهم عَن ذلِك في المَلأ الأعْلى؛ تَنويهًا بِشأنِ بَني آدَمَ، وبَيانًا لِفَضلِهم، ولِيُباهيَ بهِم المَلائكةَ فيَقولون: تَركْناهم وهُم يُصلُّون صَلاةَ الصُّبحِ، وأَتَيْناهم وهُم يُصلُّون صَلاةَ العَصرِ؛ فهُم في صَلاةٍ دائِمةٍ. وكذَلِك يَسألُ عزَّ وجلَّ مَلائكةَ النَّهارِ، فيُجيبون بِمِثل ما أجابَ به مَلائكةُ اللَّيلِ