مسند أبي هريرة رضي الله عنه 725

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 725

- حدثنا يزيد، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكثروا ذكر هاذم اللذات» [ص:302] قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: محمد بن إبراهيم هو أبو بني شيبة " حدثني أبي: حدثنا يزيد، عن محمد بن عمرو - بتسعة وتسعين حديثا، ثم أتمها بهذا الحديث -. عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، تمام مائة حديث

تَذكُّرُ الموتِ والآخِرةِ مِن البَواعثِ الحَقيقيَّةِ على تَحسينِ الصِّلةِ بيْن العبْدِ وربِّه، وإزالةِ شواغلِ الدُّنيا مِن الفِكرِ والعقلِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "أكثِروا ذِكْرَ" والمُرادُ الذِّكرُ القلبيُّ الَّذي له تأثيرٌ، لا الذِّكرُ اللِّسانيُّ الخالي عن الاعتبارِ، "هاذِمِ"، أي: قاطِعِ، "اللَّذَّاتِ"، أي: الشَّهواتِ العاجلةِ، "الموتِ"؛ لأنَّ مَن ذكَرَ أنَّ عِظامَه ستَصيرُ باليةً، وأعضاؤُهُ مُتمزِّقةً، هانَ عليه ما فاتَه مِن اللَّذَّاتِ العاجلةِ، وأهَمَّهُ ما يجِبُ عليه مِن طلَبِ الآخرةِ، "فإنَّه لم يَذكُرْه أحدٌ في ضِيقٍ مِن العَيشِ"، أي: في فَقرٍ، "إلَّا وسَّعَه عليه"، وذلك بتَرويحِ النَّفسِ والرِّضا بالقليلِ، وبتَذكُّرِ سَعةِ رَحمةِ اللهِ وفضْلِه بعدَ الموتِ لمَنِ اتَّقاهُ وأطاعَهُ، "ولا ذكَرَهُ في سَعةٍ إلَّا ضيَّقَها عليه"، أي: صيَّرهُ عندَ الذِّكْرِ للموتِ قليلًا؛ لأنَّ كلَّ ما يُفارِقُه صاحبُه قليلٌ وإنْ كثُرَ، ولأنَّه إذا جاء ذِكْرُه فلا يُبْقي مِن لَذائذِ الدُّنيا شيئًا، والمعنى: أنَّ الموتَ هو سَببٌ يَمنَعُ المُتوغِّلَ في الشَّهواتِ والمعاصي الاستمرارَ في ذلك، وذِكْرُه والوقوفُ على حقيقتِه يُعدِّلُ مسارَ هذا العاصي إلى الزِّيادةِ في أفعالِ الجنَّةِ، والابتعادِ عن كلِّ ما يُقرِّبُ مِن النَّارِ، كما يُنبِّهُ على عَدمِ ترْكِ النَّفْسِ لِمَشاغِلِ الدُّنيا