حدثنا سفيان، عن ابن أبي صالح يعني سهيلا، عن أبيه، عن أبي هريرة، يخبرهم ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كفى أحدكم خادمه صنعة طعامه، وكفاه حره ودخانه، فليجلسه معه فليأكل، فإن أبى، فليأخذ لقمة فليروغها، ثم ليعطها إياه»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رحيمًا رفيقًا، تظهَرُ علاماتُ رَحمتِهِ مَعَ الحُرِّ والعَبدِ، والكَبيرِ والصَّغيرِ، والحَيَوانِ والجَمادِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واسِعَ الرَّحمةِ مع الخَدَمِ والعَبيدِ على وَجهِ الخُصوصِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ أبو الزُّبَيرِ مُحمَّدُ بنُ مُسلِمٍ: "أنَّه سأَلَ جابِرًا"، وهو ابنُ عَبدِ اللهِ الأنْصاريِّ رضِيَ اللهُ عنهما "عن خادِمِ الرَّجُلِ"، والمُرادُ بالخادِمِ هُنا المَمْلوكُ، ويُقاسُ عليه الخادِمُ بالأجْرِ، "إذا كفاهُ المَشَقَّةَ والحَرَّ" إذا صنَعَ لسيِّدِهِ أو مُستأجِرِهِ طَعامًا، وباشَرَ طَهْيَهُ ومُتابَعةَ طبْخِهِ على النَّارِ، وذاقَ حَرَّهُ، وعانَى دُخانَهُ، وكأنَّ السُّؤالَ؛ فما حُكمُ أنْ يَطعَمَ الخادِمُ مِن هذا الطَّعامِ؟ فقال جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما: "أمَرَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ نَدعُوَهُ" إلى المُجالَسةِ على مائِدةِ الطَّعامِ، "فإنْ كَرِهَ أحَدٌ أنْ يَطعَمَ معه"، فكرِهَ أنْ يَطعَمَ مع خادِمِهِ على مائِدةٍ واحِدةٍ، ومِثلُهُ إذا كان الطَّعامُ قَليلًا كما في رِوايةِ أبي داودَ من حَديثِ أبي هُرَيرةَ، "فلْيُطعِمْهُ أُكْلةً في يَدِهِ"، فيَتَعاملُ معه ولو بأقَلِّ القَليلِ، وهو أنْ يُعطِيَهُ بعضَ الطَّعامِ في يَدِهِ، ولا يَمنَعُه مِن أنْ يَطعَمَ ممَّا أعدَّهُ، فَضْلًا بأنْ يَكفيَ الخادِمَ من الطَّعامِ ما يُشبِعُهُ ويُغنيهِ به
وفي الحَديثِ: الحثُّ على الرَّحمةِ بالخَدَمِ والعَبيدِ
وفيه: مُشاركةُ الرَّقيقِ في الطَّعامِ والشَّرابِ