حدثنا بهز، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا إسحاق بن عبد الله، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن رجلا حمل معه خمرا في سفينة يبيعه، ومعه قرد» ، قال: «فكان الرجل إذا باع الخمر، شابه بالماء ثم باعه» ، قال: «فأخذ القرد الكيس، فصعد به فوق الدقل» ، قال: «فجعل يطرح دينارا في البحر ودينارا في السفينة، حتى قسمه»
إذا مكَرَ الإنسانُ وخادَعَ؛ لِيَأخُذَ أمْوالَ الناسِ، فلا يَظُنُّ أبدًا أنه سيُبارَكُ له في هذا الشَّيءِ، بل سيَنالُ جَزاءَهُ في الدُّنيا والآخِرَةِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ رَجُلًا كان يَبيعُ الخَمْرَ في سَفينَةٍ له، ومعه قِرْدٌ في السَّفينَةِ، وكان يَشوبُ الخَمْرَ بالماءِ"، أي: خَلَطَهُ بالماءِ على سَبيلِ الغِشِّ، وفي رِوايةِ الطَّبَرانيِّ في الأَوسطِ أنَّه كان مِنَ الأُمَمِ قَبْلَنا؛ فرُبَّما كان هذا جائِزًا في مِلَّتِهِم، أو أنَّه مُجرَّدُ حِكايَةٍ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لا تدُلُّ على جَوازِ بَيْعِ الخمرِ، وقد جاءَ في رِوايةٍ للبَيهقيِّ أنَّه جَعَلَ في كُلِّ زِقٍّ نِصفًا ماءً ثم باعَه على أنَّه خمْرٌ خالِصٌ، "فأَخَذَ القِرْدُ الكِيسَ فصَعِدَ الذِّرْوةَ" يعني: أعْلى السَّفينةِ حيث لا يَستطيعُ صاحِبُه الإمْساكَ به، "وفَتَحَ الكِيسَ، فجَعَلَ يأخُذُ دِينارًا فيُلْقيهِ"، أي: يَرْميهِ "في السَّفينَةِ، ودِينارًا في البَحْرِ حتى جَعَلَهُ نِصْفينِ" يعني: ما غَشَّ وخَدَعَ الناسَ فيه رماهُ له في البَحْرِ، وتَرَكَ له باقيَ مالِهِ، فهو لَمَّا خَدَعَ الناسَ بالغِشِّ في البَيعِ، وأخَذَ أمْوالَهم، سلَّط اللهُ القِرْدَ على إتْلافِ مالِهِ؛ جزاءً وفاقًا؛ وفي هذا عِبْرةٌ وعِظَةٌ لكلِّ تاجِرٍ؛ حتى لا يَغُشَّ ولا يَخْدَعَ؛ فإذا أَخَذَ المالَ مِنَ الغِشِّ، فمالُهُ مَحكومٌ عليه بالخُسْرانِ وبالهَلاكِ