مسند أبي هريرة رضي الله عنه 935
مسند احمد
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو يندفع الناس في شعبة، أو في واد، والأنصار في شعبة، لاندفعت مع الأنصار في شعبهم»
نَصَرَ اللهُ المسلمينَ في يومِ حُنَينٍ وغَنِمُوا غنائمَ كثيرةً فَقسَّمَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذه الغَنائمَ، وأَعْطى ناسًا كانوا حَديثِي عهْدٍ بِالإسلامِ؛
لِيتألَّفَ قُلوبَهم، ولم يأْخُذِ الأنصارُ مِثلَما أخَذَ هؤلاء، فَحزِنوا لذلك وظَنّوا أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُفضِّلُ مَن أعطاهم مِنَ الغنائمِ، فلمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك خَطَبَ فيهم، وأثْنى عليهم، وممَّا قالَه في هذه الخُطبةِ: «لولا الهِجرةُ لَكنتُ امرأً مِنَ الأنصارِ»، وأرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا الكلامِ إكرامَ الأنصارِ، وبيانَ أنَّه لا رُتْبةَ بعدَ الهِجرةِ أعلى مِنَ النُّصرةِ، وبيانَ أنَّهم بلَغوا مِنَ الكرامةِ مَبْلغًا لولا أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الْمُهاجرينَ إلى المدينةِ لَعَدَّ نفْسَه مِنَ الأنصارِ؛ وهذا لِأَنَّ فضْلَ المهاجرينَ السَّابقينَ الَّذينَ أُخْرِجوا مِن دِيارِهم، وقُطِعوا عن أقارِبهم وأحبابِهم، وحُرِموا أوطانَهم وأموالَهم- أكبرُ مِنَ الأنصارِ، ثُمَّ قال لهم: «وَلَو سَلَكَ الناسُ وَاديًا أو شِعبًا لَسلَكتُ واديَ الأنصارِ وشِعبَها»، والشِّعبُ هو الطريقُ بيْنَ الجبلينِ، والمعنىَ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقدِّمُ طريقَهم على طَريقِ غيرِهم