‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1101

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1101

حدثنا أسود، حدثنا أبو بكر، عن حميد، عن أنس قال: " قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين يوما "

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتقَرَّبُ إلى اللهِ بالدُّعاِءِ على كُلِّ حالٍ، ومن ذلك دُعاءُ القُنوتِ الذي يَدْعو به في صَلاتِهِ.
وفي هذا الحديثِ يَحْكي أنسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَنَتَ شهرًا يَدْعو عليهم"، والقُنوتُ هو اسمٌ للدُّعاءِ في الصَّلاةِ، ويكونُ عادةً في محلٍّ مخصوصٍ مِن القيامِ بعدَ الرُّكوعِ؛ وذلك إذا نزَلَتْ بالمُسْلِمينَ نازلةٌ، وكان هذا القُنوتُ حينَ قُتِل القُرَّاءُ وهُم حُفاظُ القُرآنِ بعَثَهُم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أهْلِ نَجْدٍ لِيَقْرَؤُوا عليهم القُرآنَ، ويَدْعُوهم إلى الإسْلامِ، فلمَّا نزَلوا ببِئْرِ مَعُونةَ، قصَدَهُم عامرُ بنُ الطُّفَيلِ في أحْياءٍ مِن سُلَيمٍ: رِعْلٍ وذَكْوانَ وعُصَيَّةَ، فقاتَلَهُم فقتَلوا أكْثرَهُم؛ وذلك في السَّنةِ الرَّابعةِ مِن الهِجْرَةِ، وحَزِنَ عليهم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُزنًا شديدًا. "ثم تَرَكَ"، أي: تَرَكَ الدُّعاءَ عليهم في القُنوتِ، "فأمَّا في الصُّبحِ، فلم يَزَلْ يَقْنُتُ حتى فارَقَ الدُّنْيا"، أي: أنَّ القُنوتَ في صَلاةِ الصُّبحِ استمَرَّ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى ماتَ. وقيل: إنَّ الفِقرةَ الأخيرةُ من الحِديثِ "فلم يَزَلْ يَقْنُتُ حتى فارَقَ الدُّنْيا" ضعيفةٌ لا تثبتُ؛ فهَدْيُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو القنوتُ في النوازلِ خاصَّةً وترْكُه عندَ عدمِها، فقُنوتُه كان لعارضٍ، فلمَّا زال ترَكَ القنوتَ ولم يختصَّ بالفجرِ، بل كان يقنُتُ في صلاة الفجرِ والمغربِ كما في صَحيحِ البخاريِّ عن أنس، وفي صحيح مسلم عن البراء، وفي مسند أحمد عن ابن عباس، قال: "قنَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شهرًا متتابعًا في الظهرِ والعصرِ والمغربِ والعِشاءِ والصبحِ في دُبرِ كُلِّ صلاةٍ، إذا قال: سمِعَ الله لِمَن حمِدَه من الركعة الأخيرةِ، يدعو على حَيٍّ مِن بني سُليم على رِعْلٍ وذَكوانَ وعُصيَّةَ، ويُؤمِّنُ مَن خَلْفَه".
وعلى القولِ بتَصحيحِ هذه الفِقرةِ من الحديثِ، فيُحْمَلُ قولُه: "فلم يَزَلْ يَقْنُتُ حتى فارَقَ الدُّنْيا" على إطالةِ القيامِ بعدَ الرُّكوعِ.
في الحديثِ: القُنوتُ في الصَّلواتِ.
وفيه: ذمُّ صِفةِ الغَدْرِ.
وفيه: الدُّعاءُ وتَكرارُه وإظهارُه؛ لأنَّه دالٌّ على يَقينِ العبدِ المسلم بربِّهِ.