حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يحلق رأسه قبض أبو طلحة على أحد شقي رأسه، فلما حلقه الحجام أخذه، فجاء به أم سليم فجعلت تجعله في طيبها "
في هذا الحديثِ يَحكِي أنسُ بنُ مالكٍ رضي اللهُ عنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمَى جمرةَ العقَبةِ يومَ النَّحرِ"، أي: اليومَ العاشرَ مِن ذي الحِجَّةِ الذي تُذبَحُ فيه الأضاحيُّ، "ثمَّ رجَع" صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "إلى مَنْزلِه بمِنًى، فدَعا بذِبْحٍ"، وهو ما يُذبَحُ مِن بَهيمةِ الأنعامِ، "فذَبَح" صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "ثمَّ دعا بالحَلَّاق"؛ قيل: هو مَعْمَرُ بنُ عبدِ اللهِ العدَويُّ، وقيل: غيرُه، "فأخَذ بشِقِّ رأسِه"، يَعني: أخَذَ الحلَّاقُ بجانبِ رأسِه "الأيمنِ" فحلَقه؛ وذلك لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُحبُّ التَّيمُّنَ في شُؤونِه كلِّها؛ مِن طُهورٍ ولباسٍ، "فجعَل يَقْسِمُ بينَ مَن يَليه الشَّعرَةَ والشَّعرتين، ثمَّ أخذ بشِقِّ رأسِه الأيسَرِ فحَلَقَه، ثمَّ قال: "ها هنا أبو طَلحَةَ؟"، يَعني: أفيكم أبو طَلحةَ؟ "فدفَعه" وأعطاه "إلى أبي طَلحَة" قِسمًا كبيرًا مِن شَعرِه؛ مِن أجلِ أن يُوزِّعَ ويَقْسِمَه بينَ النَّاسِ.
وفي الحديثِ: بيانُ بعضِ أعمالِ الحجِّ في مِنًى؛ ومِنها: رميُ الجَمْرةِ الكبْرَى، ثُمَّ الذَّبحُ، ثُمَّ الحَلقُ معَ البَدْءِ بالجانبِ الأيمنِ ثُمَّ الأيسرِ.
وفيه: التَّبرُّكُ بآثارِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.