كان للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خاتَمٌ يَختِمُ به رَسائلَه وكُتبَه للمُلوكِ، وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لصِفةِ هذا الخاتمِ، فيُخبِرُ أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ خاتَمَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مَصنوعًا مِن «وَرِقٍ»، أي: مِن الفِضَّةِ، وكانَ فَصُّهُ -وهوَ ما يُوضَعُ على رَأسِ الخَاتَمِ مِنَ الأحْجارِ الكَريمةِ كالعقيقِ والياقوتِ وغيرِها- «حَبَشِيًّا»، أي: مِن بلادِ الحَبَشةِ، وقيل: لَونُه أسوَدُ مِثلُ أهلِ الحَبَشةِ.
وفي رِوايةٍ للبُخاريِّ: «كان خاتمُه مِن فِضَّةٍ، وكان فَصُّه منه»، وعندَ أبي داودَ: «مِن فِضَّةٍ كلِّه»، ولا تَعارُضَ بيْنَ هذه الأحاديثِ؛ لأنَّه إمَّا أنْ يُحمَلَ على التَّعدُّدِ؛ بمعنى تَعدُّدِ الخاتمِ، فكان هناك خاتمٌ فَصُّه مِن الفِضَّةِ، وكان الآخَرُ فَصُّه حَبَشيٌّ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ هو الَّذي فَصُّه منه، ونُسِب إلى الحبَشةِ لصِفةٍ فيه؛ إمَّا الصِّياغةُ، وإمَّا النَّقشُ.
وفي الحَديثِ: اتِّخاذ الرِّجالِ للخاتمِ مِن الفِضَّةِ مع جعْلِ فصٍّ فيه.