مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1282
مسند احمد
حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، فانطلق وانطلقت معه، قال: فجيء بمرقة فيها دباء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل ذلك الدباء ويعجبه، فلما رأيت ذلك جعلت ألقيه إليه ولا أطعم منه شيئا "، فقال أنس: " فما زلت أحبه " قال سليمان: فحدثت بهذا الحديث سليمان التيمي فقال: " ما أتينا أنس بن مالك قط في زمان الدباء إلا وجدناه في طعامه "
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ خيَّاطًا دَعا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِطَعامٍ صَنَعه له، فَذَهَبَ مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى ذلكَ الطَّعامِ، فَقَرَّبَ الخَيَّاطُ إلَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُبْزًا مِن شَعيرٍ ومَرَقًا فيه «دُبَّاءٌ» -وهو القَرْعُ- «وقَدِيْدٌ» وهو اللَّحْمُ المُجَفَّفُ بالشَّمسِ، فرَأى أنسٌ رضِيَ اللهُ عنه النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِن حَوالَي القَصعةِ؛ لأنها كانت تُعجِبُه، ويترُكُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم القَدِيدَ؛ إذ كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَشتهيه حينَئذٍ، وإنما ترك صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأكلَ مِمَّا يليه؛ لأنَّه عَلِمَ أنَّ أحدًا لا يَكرَهُ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، بل كان أنسٌ يُقَرِّبُه ويُدْنيه لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويضعُه أمامه.
قال أنسٌ رضِيَ اللهُ عنه: فَلَم أزَل أُحِبُّ الدُّبَّاء -يعني: أكْلَها- مِن يَومِئِذٍ.
وفي الحَديثِ: أنَّ من يأكُلُ لأهلِه وجُلَسائِه يأكُلُ ما يشتهيه حيث رآه في الإناءِ، إذا عَلِمَ أنَّ من يأكُلُ معه لا يَكرَهُ ذلك، وإلَّا فلا يتجاوَزْ ما يليه.
وفيه: فضيلةُ أنس ِبنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه بحُبِّه لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وحِرْصِه على الاقتداءِ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.