‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1291

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1291

حدثنا يونس بن محمد، حدثنا حماد يعني ابن زيد، عن ثابت، لا أعلمه إلا عن أنس، أن أعرابيا أتى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فبال فيه، فقام إليه القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعوه لا تزرموه "، ثم دعا بماء، فصبه عليه

كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُعلِّمًا رَحيمًا، ومُؤدِّبًا رَفيقًا، ومُربِّيًا حَليمًا، فكانَ إذا رأى خَطأً لا يُعنِّفُ ولا ويَزجُرُ ولا يُنفِّرُ، وإذا رأى صَوابًا مدَحَهُ، وأثْنى عليهِ وشَكرَ له.

وفي هذا الحديثِ أنَّ أعرابيًّا -وهو الذي يسكُنُ الصَّحراءَ من العَرَبِ-، بَالَ في المسجِدِ، فقام إليه النَّاسُ ليؤذُوه بالضَّربِ ونحْوِه، فأمَرَهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يتركُوه حتَّى يُتِمَّ بَوْلَه، ولا يَقطَعوه عنه، وأن يَصُبُّوا على مَوضِعِ بَولِه دَلْوًا كَبيرًا مِن الماءِ؛ ووضَّح لهم أنَّ هذا من يُسْرِ الشَّريعةِ وسماحتِها، وأنَّهم إنما بُعِثوا «مُيَسِّرِينَ» في تَعليمِ النَّاسِ أمْرَ دِينِهم، ولم يُبعَثوا «مُعَسِّرِينَ»، وهو تَأكيدٌ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مُيسِّرين» مُبالَغةً في التَّيسيرِ.

وقد بيَّن له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خطَأَه وأرشده للصَّوابِ، كما في روايةٍ أُخرى في صحيحِ مُسلمٍ، من حديثِ أنَسِ بنِ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه، وفيه: «إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعاه فقال له: إنَّ هذه المساجِدَ لا تصلُحُ لشيءٍ من هذا البَولِ ولا القَذَرِ، إنما هي لذِكرِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، والصَّلاةِ، وقراءةِ القُرآنِ».

وفي الحَديثِ: حُسنُ تَعليمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورِفْقُه.

 وفيه: الرِّفقُ بالجاهِلِ وتعليمُه ما يَلزَمُه من غيرِ تعنيفٍ ولا إيذاءٍ إذا لم يأتِ بالمخالفةِ استخفافًا أو عنادًا.

وفيه: إثباتُ نجاسةِ بَولِ الآدَميِّ.

وفيه: تَطهيرُ البَولِ في المَسجدِ بصَبِّ الماءِ عليه