مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1300
مسند احمد
حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن زيد، عن ثابت، عن أنس وأيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له، وكان معه غلام أسود يقال له: أنجشة يحدو، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويحك يا أنجشة رويدا سوقك بالقوارير " (1) قال: وفي حديث أبي قلابة يعني: النساء (2)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَحيمًا رفيقًا بأُمَّتِه، وخاصَّةً بالضُّعَفاءِ مِثلِ الأطفالِ والنِّساءِ.
وفي هذا الحَديثِ يروي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان في سَفَرٍ، وكان غُلامٌ يَحدُو بِهِنَّ -أي بالنِّساءِ- وكان اسمُه: أَنْجَشَةُ، والحَدْوُ: سَوْقُ الإبلِ والغِناءُ لها لتخِفَّ في الحركةِ وتُسرِعَ المشيَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «رُوَيْدَكَ» أي: أَمْهِل «يا أَنْجَشَةُ سَوْقَك بالقَوَارِيرِ»، ويقصِدُ بهِنَّ ضَعَفةَ النِّساءِ، والقَوَارِيرُ: جمعُ قَارُورُةٍ، سُمِّيت بذلك لاستِقرارِ الشَّرابِ فيها، وكَنَى عن النِّساءِ بالقَوَارِيرِ (مِن الزُّجَاج)؛ لِضَعْفِ بِنْيَتِهِنَّ ورِقَّتِهِنَّ ولَطَافَتِهِنَّ، والمعنى: تمَّهْل في سَوقِك بالجِمالِ، وسُقْ بها كما تُساقُ إذا حُمِلَ عليها القواريرُ، وتمهَّلْ؛ لأنَّ الإبِلَ إذا سمعت الحُداءَ أسرعت في المشيِ واستلذَّتْه، فأزعَجَت الراكِبَ وأتعبَتْه، فنهاه عن ذلك لأنَّ النِّساءَ يَضعُفْنَ عند شِدَّةِ الحَركةِ ويُخافُ ضَرَرُهنَّ وسُقوطُهنَّ.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ الحُداء والترنُّم بالأرجازِ في مَواضعِها؛ مِن سَوقِ الإبلِ، وقَطْعُ الأسفارِ، وإنشادُ الرَّقيقِ مِن الشِّعرِ بالأصواتِ الحَسَنةِ.
وفيه: رَحمةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالنِّساءِ، وأمْرُ السُّوَّاقِ لمَطاياهنَّ بالرَّفقِ بهنَّ.