مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1658
مسند احمد
حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا زهير، حدثنا حميد الطويل، عن أنس، قال: كان بين خالد بن الوليد، وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها، فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أنفقتم مثل أحد - أو مثل الجبال - ذهبا، ما بلغتم أعمالهم "
النَّيلُ مِن الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عنهم بِسَبٍّ، أو قَذفٍ، أو أيِّ أذًى؛ ليْس منَ الإسْلامِ في شَيءٍ؛ لذلكَ نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن سَبِّ أصْحابِه.
وفي هذا الحَديثِ أنَّ عبْدَ الرَّحمنِ بنَ عَوفٍ رَضيَ اللهُ عنه، شَكا خالدَ بنَ الوَليدِ رَضيَ اللهُ عنه إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وذلك بعْدَ خِلافٍ وقَع بيْنَهما في أحَدِ الغَزَواتِ، فسَأَل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خالدًا: «لمَ تُؤذِي رَجلًا مِن أهلِ بَدرٍ؟ لو أنفَقْتَ مِثلَ أُحدٍ ذَهبًا لم تُدرِكْ عمَلَه»؛ أي: لوْ أنفَقَ خالدٌ مِثلَ أُحُدٍ ذَهبًا ما بلَغَ مِن الفَضيلةِ والثَّوابِ مِثلَ عَمَلِ رَجلٍ شَهِد بَدْرًا؛ وذلك لمَّا كان يُقارِنُ عمَلَ الصَّحابةِ مِن السَّبقِ، ومَزيدِ الإخْلاصِ، وصِدقِ النِّيَّةِ، وكَمالِ النَّفْسِ، بخِلافِ غَيرِهمُ الَّذين تَخلَّفوا عنِ الإسْلامِ في أوَّلِ الأمرِ. فقال خالدٌ مُبيِّنًا سَببَ ذلك: «يَقَعونَ فيَّ»؛ أي: أنَّهم يَبْدؤونَه بالمُشاكَلةِ والخِلافِ، فيكونُ ذلك سَببًا للرَّدِّ عليهم، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تُؤْذوا خالدًا؛ فإنَّه سَيفٌ مِن سُيوفِ اللهِ صبَّه اللهُ على الكفَّارِ»، والمَعْنى: أنَّ اللهَ سلَّهُ على المُشرِكينَ، وسلَّطَه على الكَافِرينَ ليُجبِرَهم على الحقِّ، وقيلَ: إنَّه هو في نَفْسِه كالسَّيفِ في إسْراعِهِ لتَنْفيذِ أوامِرِ اللهِ تعالى، لا يَخافُ فيه لَوْمةَ لائمٍ.
وفي الحَديثِ: فَضيلةٌ ومَنقَبةٌ لخالدِ بنِ الوَليدِ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: بَيانُ رِفْعةِ مَنزِلةِ أهْلِ بَدرٍ.