مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1672
مسند احمد
حدثنا عفان، وأبو كامل، قالا: حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس، أن رجلا قال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولا يبلغ عملهم، قال: " المرء مع من أحب "
كانَ أصْحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحِبُّ بعضُهمْ بَعضًا حبًّا شَديدًا، وكانَ بعضُهمْ أنشَطَ في الطَّاعاتِ مِن بعضٍ، وكَانوا يُشفِقونَ مِن تَفاوُتِ العَملِ بيْنَهم أنْ يُفرِّقَ بيْنهُمْ في الأجْرِ، فيَفتَرِقوا عنْ بعضِهم في الجنَّةِ.
وَفي هَذا الحديثِ أنَّ بعضَ الصَّحابةِ قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «الرَّجلُ يُحِبُّ القومَ ولَمَّا يَلحقْ بِهمْ»، أي: إنَّ الرَّجلَ يُحِبُّ قومًا صالِحينَ مُجتهِدينَ في العبادةِ ولَكِنَّهُ لا يَستَطيعُ أنْ يَعمَلَ بِمِثلِ عَملِهمْ مِن أَعمالِ البِرِّ والخَيرِ، فَماذا يَفعَلُ يا رَسولَ اللهِ؟ فأجابَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قائلًا: «المرءُ معَ مَنْ أَحبَّ»، أيْ: لا تَخَفْ ولا تَجزَعْ؛ فلنْ يَضُرَّكَ سَبْقُهم إيَّاكَ ما دُمتَ تُحِبُّهم وإنْ كنتَ مُقصِّرًا عنْهُمْ في فِعلِ الخَيراتِ؛ فمَن أحَبَّ الصَّالحينَ أُلحِقَ بهم في المكانِ، لكنَّه ليس مِثلَهم في الكرامةِ مِن كلِّ وجهٍ. وعلى العبدِ ألَّا يغتَرَّ بحُبِّ الصَّالحين، ويركَنَ إلى ذلك دون أن يجتَهِدَ في اتِّباعِ آثارِهم؛ فإنَّه لن يكونَ صادِقًا في حُبِّه حتى يتَّبِعَ آثارَهم، ويأخُذَ بهَدْيِهم، ويقتَدِيَ بسُنَّتِهم، حريصًا أن يكونَ منهم، ويَسلُكَ سَبيلَهم، ويأخُذَ طَريقَتَهم، وإن كان مُقَصِّرًا في العَمَلِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ تَعلُّقَ قُلوبِ الأشخاصِ بعضِها ببَعضٍ في الدُّنيا يكونُ سَببًا في جَمْعِهم معًا في الآخِرَةِ؛ فلْيَخترِ المسلمُ لنَفْسِه مَن أحبَّ أنْ يُحشَرَ معه.