مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1680
مسند احمد
حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " استووا، استووا، فوالله إني لأراكم من خلفي، كما أراكم من بين يدي "
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُ أصحابَه أُمورَ دِينِهم، ويُصوِّبُ ما وقَعوا فيه مِن أخطاءٍ، وفي ذلك كلِّه تعليمٌ للأمَّةِ.
وفي هذا الحديثِ: "صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الظُّهرَ، وفي مُؤخَّرِ الصُّفوفِ"، أي: في الصُّفوفِ الأخيرةِ في الخلفِ "رجلٌ"، أي: ممَّن كان يُصلِّي خلفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فأساءَ الصَّلاةَ"، أي: أتى فيها بما يُبطِلُها، أو أدَّاها على كَيفيَّةٍ يَستحِقُّ الإنكارَ عليها، "فلمَّا سلَّم"، أي: انتهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن صَلاتِه، "ناداه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا فُلانُ، ألَا تتَّقي اللهَ؟! ألَا ترَى كيف تُصلِّي؟!" أي: يُعنِّفُه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويُنكِر عليه تقصيرَه في صلاتِه، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ تقصيرُ الرَّجلِ في صلاتِه: أنَّه لا يُتِمُّ الرُّكوعَ والسُّجودَ، وما يَقتضِي ذلك مِن خُشوعٍ، "إنَّكم تَرون"، أي: تَظُنُّون، "أنَّه يَخفى عليَّ شيءٌ ممَّا تَصنعون!"، أي: مِن أفعالِكم في صَلاتِكم، "واللهِ إنِّي لَأَرى مِن خلْفي كما أرى مِن بينِ يَدَيَّ"، وهذا مِن مُعجزاتِه وخصائِصِه، ودَلائِلِ نُبُوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعناه: أنَّ اللهَ تعالى خَلَقَ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إدراكًا مِن وَرائِه، وإبصارُه إدراكٌ حَقيقيٌّ انْخَرَقَتْ له فيه العادَةُ، وقد انخرَقَتِ العادةُ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأكثَرَ مِن هذا، ولا يَمنَعُ مِن هذا عَقْلٌ ولا شَرْعٌ، بلْ وَرَدَ الشَّرْعُ بظاهرِه؛ فوَجَبَ الإيمانُ به.
وفي الحديثِ: الأمرُ بأداءِ الصَّلاةِ على الوجهِ الذي أمَرَ به اللهُ عزَّ وجلَّ.
وفيه: مُعجِزةٌ مِن مُعجِزاتِ النُّبوَّةِ.