‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1801

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1801

حدثنا عفان، حدثنا محمد بن دينار، حدثني يحيى بن يزيد، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سئل عن رجل كانت تحته امرأة، فطلقها ثلاثا، فتزوجت بعده رجلا، فطلقها قبل أن يدخل بها: أتحل لزوجها الأول؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا، حتى يكون الآخر قد ذاق من عسيلتها، وذاقت من عسيلته "

لقد نظَّمَ الشَّرعُ الحَكيمُ أُمورَ الزَّواجِ والطَّلاقِ؛ حِفاظًا على الأعراضِ، وحِرصًا على تَكوينِ أُسَرٍ مُسلمةٍ مُستقِرَّةٍ، وفي هذا الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "في الرَّجلِ تكونُ له المرأةُ فيُطلِّقُها"، أي: يُطلِّقُها ثلاثًا، وتَبِينُ منه، "فيتزوَّجُها رجُلٌ، فيُطلِّقُها قبْلَ أنْ يدخُلَ بها"، أي: يُطلِّقُها قبْلَ أنْ يطَأَها ويُجامِعَها، "أترجِعُ إلى الأوَّلِ؟ "، أي: هل يجوزُ لها أنْ ترجِعَ إلى زوجِها الأوَّلِ بمجُرَّدِ العقْدِ وعدَمِ البِناءِ بها؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا، حتَّى يذوقَ العُسَيلةَ"، وفي رِوايةٍ: "حتَّى تذوقَ عُسيلةَ الآخَرِ، ويذوقَ عُسيلَتَها"، أي: حتَّى تَذوقَ المرأةُ لذَّةَ جِماعِ الزَّوجِ الثَّاني، ويذوقَ لذَّةَ جِماعِها، والعُسيلةُ مُصغَّرةٌ في المُوضعينِ، والتَّصغيرُ للتَّقليلِ؛ إشارةً إلى أنَّ القدْرَ القليلَ كافٍ في تَحصيلِ ذلك بأنْ يقَعَ تغييبُ الحَشَفةِ في الفرْجِ، وقيل: معنى العُسيلةِ: النُّطفةُ، وذَوْقُ العُسيلةِ كِنايةٌ عنِ الجِماعِ، وهو تَغييبُ حشَفَةِ الرَّجلِ في فرْجِ المرأةِ، ويدلُّ على ذلك الحَديثُ الَّذي أخرَجَه الإمامُ أحمدُ، عن عائشةَ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "العُسيلةُ هي الجِماعُ"، وقالوا: يَكفي ما يوجِبُ الحَدَّ، ويُحصِّنُ الشَّخصَ، ويُوجِبُ كمالَ الصَّداقِ، ويُفْسِدُ الحجَّ والصَّومَ.ولا بدَّ أنْ يكونَ نِكاحُ الزَّوجِ الثَّاني نِكاحَ رَغبةٍ في المرأةِ، قاصدًا لدَوامِ عِشْرتِها، فأمَّا إذا كان الثَّاني إنَّما قصَدَ أنْ يُحِلَّها للأوَّلِ، فهذا هو المُحلِّلُ الَّذي ورَدَتِ الأحاديثُ بلعْنِه، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لعَنَ اللهُ المُحلِّلَ والمُحلَّلَ له"، كما أخرَجَه ابنُ ماجَه عن عُقبةَ بنِ عامِرٍ.