مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه190
مسند احمد
حدثنا يحيى، وأبو نعيم قالا: حدثنا هشام، حدثنا قتادة، وقال أبو نعيم: عن قتادة، عن أنس قال: " جلد النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر - قال يحيى في حديثه: - أربعين ". فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى، قال لأصحابه: " ما ترون؟ " فقال عبد الرحمن: اجعلها كأخف الحدود فجلد عمر ثمانين
شُرْبُ الخَمْرِ مِن المَعَاصِي والجَرائمِ التي تَستوجِبُ العُقوبةَ، وقد وقعَ حدُّ الخَمرِ على عهدِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعَهدِ أبي بكرٍ وعُمرَ رضِي اللهُ عنهما بِأكثرَ مِن صورةٍ، على خِلافِ غيرِه مِن باقي الحُدودِ.
وفي هذا الحَديثِ أنَّ شارِبَ الخَمرِ كان في بدايةِ الأمرِ وأوَّلِ الإسلامِ، يُؤتَى به إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيأمُرُ النَّاسَ بضَرْبِه، فيَقُومُ إليه مَن حَضَر منهم ويَضْرِبُونه بالأَيْدِي والنِّعَالِ والثِّيابِ، وظلَّ الأمرُ كذلك في خِلافةِ أبي بَكْرٍ رضِي اللهُ عنه، وأوَّلَ خِلافةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه، حتَّى كان آخِرُ خِلافةِ عُمَرَ رضِي اللهُ عنه، فضَرَب عُمَرُ رضِي اللهُ عنه شاربَ الخمرِ أربعين جَلْدَةً، حتَّى إذا انْهَمَكوا وتَمَادَوْا في الطُّغيان والفَسَادِ، وخَرَجوا عن الطَّاعةِ فلَمْ يَرتدِعوا؛ جَلَدَهم ثَمانين جلدةً.
وقد أخرج مسلِمٌ من حديثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: «جَلَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربعين، وأبو بكرٍ أربعينَ، وعُمَرُ ثمانينَ، وكُلٌّ سُنَّةٌ».
وفي الحَديثِ: قَطْعُ الذَّرائعِ فيما يُخافُ الإقدامُ فيه على المُحرَّماتِ؛ تَحصينًا لحدودِ اللهِ تعالَى أنْ تُنتهَكَ.
وفيه: مَشروعيَّةُ اجتهادِ الإمامِ في بَعضِ العُقوباتِ التي لم يأتِ فيها نَصٌّ صَريحٌ.