الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، وعلى المُسلمِ أنْ يَلْتَزِمَ اتِّباعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أدائِها، وقد علَّمَها أصحابَه وعلَّمَها أصحابُه مَنْ بَعدَهم قولًا وفعلًا، وهذا الحَديثُ يُوضِّحُ بعضَ أحكامِ الصَّلاةِ، وهو سُجودُ السَّهْوِ. وفي هذا الحَديثِ يَروي يوسُفُ مَولَى عُثمانَ بنِ عفَّانَ: "أنَّ مُعاويةَ صلَّى أمامَهم، فقامَ في الصَّلاةِ وعليه جُلوسٌ"، كأنَّه قامَ دُونَ الجُلوسِ للتشَهُّدِ الأوسَطِ، "فسبَّحَ الناسُ" فقالوا: سُبحانَ اللهِ؛ تَنبيهًا له على سَهوِه، "فتَمَّ علَى قِيامِه"، أي: فظلَّ علَى قيامِه ولم يَرجِعْ ليُكمِلَ ما كان عليه مِن الجُلوسِ، واستَمَرَّ في صَلاتِه؛ لأنَّه حِينئذٍ سَيرجِعُ مِن رُكنٍ إلى واجِبٍ، وهو غيرُ جائِزٍ، "ثم سجَدَ سَجدَتَينِ وهو جالسٌ بعدَ أنْ أتَمَّ الصلاةَ"، وفي رِوايةِ الطَّحاويِّ في مَعاني الآثارِ: " فلَمَّا كانَ فِي آخِرِ صَلاتِه سجَدَ سَجدَتَينِ قبْلَ أَنْ يُسلِّمَ". قال: "ثم قعَدَ على المِنبَرِ"؛ ليَخطُبَ في الناسِ ويُعَلِّمَهم، "فقال: إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن نَسِيَ شيئًا مِن صَلاتِه" سَهوًا، أو شكَّ في شيءٍ منها "فلْيَسجُدْ مِثلَ هاتَينِ السجدَتَينِ"، وهما سَجدَتانِ تَجبُرانِ الشكَّ والنِّسيانَ.
وقيلَ: إنَّ الزِّيادةَ في الصَّلاةِ تَقتَضي أنْ يَسجُدَ للسَّهْوِ فقط، وأمَّا النُّقصانُ فيَقتَضي الإتيانَ بالنَّاقصِ، وذلك إذا لم يَفُتْه، وتَذكَّرَه قبْلَ أنْ يَدخُلَ في غَيرِه من الأركانِ، ثمَّ يَسجُدَ للسَّهْوِ.