‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه302

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه302

حدثنا روح بن عبادة، حدثنا هشام بن حسان، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر في رمضان، فأتي بإناء فوضعه على يده "، فلما رآه الناس أفطروا

الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ قائِمةٌ على التَّيسيرِ، ومن أنواعِ التَّيسيرِ الرُّخصةُ في الإفطارِ في رَمَضانَ للمُسافِرِ، فيُشرَعُ للمُسافِرِ أن يُفطِرَ في رَمَضانَ؛ يَقولُ اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 183، 184]، وفي هذا الحَديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صامَ في سَفرِه إلى مَكَّةَ عامَ الفتحِ، أي: عامَ غَزوةِ فَتحِ مَكَّةَ في السَّنةِ الثَّامِنةِ، في شَهرِ رَمَضانَ؛ وذلك لبَيانِ أنَّ صَومَه كان فرضًا وليسَ تَطَوُّعًا، وأمَر صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النَّاسَ أن يُفطِروا، أي: ليُخَفِّفَ عنهم مِمَّا يَجِدونَه مِنَ المَشَقَّةِ في صَومِهم أثناءَ السَّفرِ. فقيل للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ النَّاسَ صاموا حينَ صُمتَ، أي: لمَّا رَآك النَّاسُ صُمتَ يا رَسولَ اللهِ صاموا اقتِداءً بك، وتَرَكوا التَّرَخُّصَ بالفِطرِ، فعِندَ ذلك دَعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإناءٍ فيه ماءٌ، ثُمَّ وضَعَ الإناءَ في يَدِه، ثُمَّ أمَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن بَينَ يَدَيه أن يُحبَسوا، أي: أمَر مَن كان أمامَه مِنَ النَّاسِ أن يُوقَفوا، فلمَّا حُبِسوا، أي: وقَفوا مَكانهم، ولحِقَه مَن وراءَه، أي: لحِقَ النَّاسُ الذينَ كانوا بالخَلفِ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واجتَمَعَ الجَميعُ عِندَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كُلُّهم، رَفعَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الإناءَ إلى فيه، أي: فمِه، فشَرِبَ، أي: شَرِبَ الماءَ وأفطَرَ؛ ليُبَيِّنَ لهم رُخصةَ الفِطرِ في السَّفرِ وليَقتَدوا به في ذلك فيُفطِروا. وفي حَديثِهما أو حَديثِ أحَدِهما، أي: حَديثِ أحَدِ رواةِ الحَديثِ: وذلك بَعدَ العَصرِ، أي: أنَّ شُربَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للماءِ كان بَعدَ صَلاةِ العَصرِ.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ الفِطرِ في السَّفرِ في رَمَضانَ.
وفيه مَشروعيَّةُ الصِّيامِ في السَّفرِ.
وفيه أنَّ المُسافِرَ له أن يَصومَ بَعضَ رَمَضانَ دونَ بَعضٍ، ولا يَلزَمُه بصَومِ بَعضِه إتمامُه.
وفيه بَيانُ رِفقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأصحابِه.
وفيه بَيانُ التَّعليمِ بالقَولِ والفِعلِ.