حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 115

مستند احمد

حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 115

حدثناه حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا واهب بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن شماسة [ص:645]، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الميت من ذات الجنب شهيد»

تَفضَّلَ اللهُ سبحانَه على أُمَّةِ الإسلامِ بنِعمٍ عظيمةٍ وأجْرٍ كبيرٍ، ومِن ذلك نَيْلُ أجرِ الشَّهادةِ لصُوَرٍ كثيرةٍ مِن الوفاةِ. وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "الشهادةُ سَبْعٌ سِوى القَتلِ في سبيلِ اللهِ"؛ يعني: أنَّ الشهادةَ أنواعٌ غيرُ الذي يُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ فيُقتَلُ لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا، دون غرَضٍ من أغراضِ الدُّنيا، وهو المذكورُ في قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "المقتولُ في سبيلِ اللهِ شهيدٌ"، وهو أفضلُ أنواعِ الشهادةِ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وبه فقط تَختصُّ أحكامُ الشَّهيدِ الدُّنيويَّةُ -كعَدَمِ الغُسل والتَّكفينِ والصَّلاةِ عليه، وكونِه يُدفَنُ في ثِيابِه التي استُشهِدَ فيها-؛ فلا تَتناوَلُ غيرَه مِن أنواعِ الشُّهداءِ المذكورينَ في هذا الحديثِ وغيرِه
وأمَّا الذي سيُذكَرون هنا في هذا الحديثِ فلهم أجرُ الشَّهيدِ في الآخِرَةِ لكنَّه في الدنيا يُطبَّق عليه ما يُطبَّقُ على الميِّتِ العاديِّ، مِن الغُسلِ والتَّكفينِ

وأوَّلُ هؤلاء: "المطعونُ شهيدٌ"، وهو الذي مات بالطاعونِ، وهو نوعٌ مِن الأوبئةِ، وقِيلَ: كُلُّ وَبَاءٍ طاعونٌ، وقد جاءَ تَفسيرُه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَعضِ الرِّواياتِ الصحيحةِ في مسندِ أحمدَ بأنَّه طَعنُ الجنِّ. وفي روايةٍ أُخرى عِندَه أيضًا: أنَّه "غُدَّةٌ كغُدَّةِ البَعيرِ"، أي: ورمٌ ظاهرٌ يَظهَرُ في الجِلْدِ الرَّقيقِ الضَّعيفِ، وتحتَ الآباطِ. وثانيها: "والغريقُ شهيدٌ"، وهو الذي يموتُ غريقًا

وثالثُها: "وصاحبُ ذاتِ الجَنْبِ شهيدٌ"، وهو المريضُ بذاتِ الجَنبِ؛ وهو الْتِهابُ غِلافِ الرِّئةِ، ويُسبِّبُ سُعالًا وحُمَّى ووجَعًا في الجنبِ يَظهَرُ عندَ التَّنفُّسِ

ورابعُها: "والمَبْطونُ شهيدٌ"، وهو مَن أُصيبَ وابتُلي بمرضٍ وداءٍ مِن أمراضِ البطنِ

وخامسُها: "وصاحبُ الحريقِ شهيدٌ"، وهو الذي يَموتُ محروقًا

وسادسُها: "والذي يموتُ تحتَ الهَدَمِ شهيدٌ"، وهو الذي وقَعَ عليه الهَدَمُ فمات منه، "والمرأةُ تَموتُ بجُمْعٍ شهيدةٌ"، والمرادُ بها الحاملُ فيكونُ الحملُ أو الولادةُ سببًا لموتِها
وهذا مِن فَضلِ اللهِ العظيمِ على هذه الأُمَّةِ؛ فهو الذي خلَقَ الدَّاءَ، وقدَّرَ على عبادِه الفَناءَ، وكتَبَ لِمَن ماتَ بهذه الأوصافِ أنْ يَمنَحَه أجْرَ الشَّهادةِ، والمتأمِّلُ يَرى أنَّ تلك المِيتَاتِ مِن أبشَعِ وأشنَعِ ما يموتُ عليه المرءُ؛ ففيها الكثيرُ مِن المعاناةِ والألَمِ، فعوَّضَهم اللهُ عن ذلك بالشَّهادةِ وأجْرِ الشَّهيدِ
وفي الحديثِ: بيانُ أنواعِ شُهداءِ الآخِرَةِ ومَن لهم أجورُ الشُّهداءِ