مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه379
مسند احمد
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن أبان يعني ابن خالد، حدثني عبيد الله بن رواحة قال: سمعت أنس بن مالك، أنه " لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى إلا أن يخرج في سفر، أو يقدم من سفر
الصَّلاةُ عِبادةٌ تَوقيفيَّةٌ، مَأخَذُها عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ علَّمَ الأُمَّةَ الصَّلواتِ الفرائضَ، والنَّوافلَ الرَّاتبةَ وغيرَ الرَّاتبةِ، كما علَّمَ الأُمَّةَ أنْواعًا مِنَ الصَّلواتِ في بعضِ الأوْقاتِ، ومِن ذلك صَلاةُ الضُّحى.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عبدُ اللهِ بنُ شَقيقٍ أنَّه سألَ أمَّ المُؤمنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عَنها: هلْ كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من عادَتِه أنْ يُصلِّيَ الضُّحَى؟ وتُسمَّى أيضًا سُبْحةَ الضُّحى، وتُصَلَّى بعدَ طُلوعِ الشَّمسِ وارتِفاعِها مِقدارَ رُمْحٍ، أي: ما يُعادِلُ قُرابةَ خَمسَ عَشْرةَ دقيقةً بعدَ شُروقِ الشَّمسِ، ويَنتهي وقتُها قُبَيلَ الظُّهرِ، فأجابتْ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ لا يُصلِّي صَلاةَ الضُّحى، إلَّا أنْ يَجيءَ مِن مَغيبِه، أَي: مِن سَفرٍ؛ لأنَّه كان يَنْهى عنِ الطُّروقِ ليلًا، فيَقدَمُ في أوَّلِ النَّهارِ، فيَبدأُ بالمسجِدِ، فيُصلِّي وقتَ الضُّحى.
وَجاء في رِوايةٍ عِندَ مُسلمٍ عَن عائشةَ رَضيَ اللهُ عَنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُصلِّي الضُّحى أربَعَ رَكَعاتٍ ويَزيدُ ما شاءَ، ولعلَّ المرادَ بالنَّفيِ نَفْيُ عِلمِها، وبالإثْباتِ إثباتُها بسَببٍ، وهو المجيءُ مِنَ السَّفرِ؛ فلا تَعارُضَ بينَ الحَديثَينِ.
وأقلُّ صَلاةِ الضُّحى ركعَتانِ، كما في الصَّحيحَينِ عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: «أوْصَانِي خَلِيلِي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بثَلاثٍ: بصِيامِ ثَلاثةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهرٍ، ورَكْعتَيِ الضُّحى، وأنْ أُوتِرَ قبْلَ أنْ أرْقُدَ» ويَزيدُ إلى ما شاء اللهُ، كما تقدَّمَ.