مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه419
مسند احمد
حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا ابن جريج قال: قال ابن شهاب: أخبرني أنس بن مالك قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهي محمة، فحم الناس، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد، والناس قعود يصلون. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " صلاة القاعد نصف صلاة القائم، فتجشم الناس الصلاة قياما "
القِيامُ في صَلاةِ الفَريضةِ رُكنٌ فيها لِمَنْ قَدِرَ على ذلك، وليس الأمْرُ كذلك في صَلاةِ النَّافِلةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه: "قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدينةَ" وظاهِرُه: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَدِمَها مِن أحَدِ أسفارِه، "وهي مُحَمَّةٌ" مُنتَشِرٌ بها الحُمَّى، وهي: حَرارةٌ تُصيبُ الجِسْمَ وتُلْهِبُه، وهي نَوعٌ مِنَ الأمراضِ، وهي أنواعٌ مُتعدِّدةٌ، "فَحُمَّ الناسُ" أُصيبوا مِن تلك الحُمَّى، "فدخَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَسجِدَ، والناسُ قُعودٌ يُصلُّونَ" وكأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأى منهمُ استِسْهالًا في الصَّلاةِ قُعودًا، "فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: صَلاةُ القاعِدِ" في الأجْرِ والثَّوابِ، وهو يَقدِرُ على القِيَامِ، "نِصفُ صَلاةِ القائِمِ. فتَجَشَّمَ الناسُ الصَّلاةَ قيامًا" تَكَلَّفوا القيامَ مع مَشَقَّتِه عليهم؛ طَمَعًا في الأجْرِ. وَهذا كُلُّه يَكونُ فِي صَلَاةِ التَّطوُّعِ، لَا فِي صَلَاةِ الفَرضِ؛ لِأنَّهُ لو كَانَ فِي صَلَاةِ الفَرضِ قادِرًا على القِيَامِ وصلَّى قاعدًا لم تَصِحَّ صَلاتُه، على خِلافِ ما يُرخَّصُ لِلمَريضِ وغَيرِ القادِرِ على القِيامِ فِي الفَريضةِ.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ على الاجتِهادِ في العِباداتِ؛ لِنَيلِ أرفَعِ الدَّرَجاتِ وأحسَنِها.