مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه440
مسند احمد
حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن المختار بن فلفل، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا أول شفيع في الجنة " (2)
شَمائلُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَظيمةٌ، ومَناقِبُه كَثيرةٌ؛ فقد أُرسِلَ إلى النَّاسِ كافَّةً، وشَمِلَت دعوتُه اليَهودَ والنَّصارى وجميعَ أُمَمِ الأرضِ، ولا يَسَعُ أحدًا بعد بَعثتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا تَصديقُه واتِّباعُ ما جاء به.
وفي هذا الحديثِ بعضٌ من مَناقِبِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيُخبِرُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه أوَّلُ النَّاسِ يَشفَعُ في الجنةِ؛ لأنَّه أوَّلُ مَن يَدخُلُها، كما في رِوايةٍ عندَ مُسلِمٍ، ثم يُؤذَنُ له بعدَ ذلك في الشَّفاعةِ لِلعُصاةِ يومَ القيامةِ؛ ليُدخِلَهم الجنَّةِ، أو يَشفَعُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِمَن في الجنَّةِ ليَرفعَ دَرجاتِهِم فيها، كما في رِوايةٍ لأحمَدَ: «وأنَا أوَّلُ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ يَومَ القِيامَةِ، ولا فَخْرَ، وإنِّي آتِي بابَ الجَنَّةِ، فآخذُ بحَلْقَتِها، فيَقُولُون: مَن هَذَا؟ فأَقولُ: أنَا مُحمَّدٌ، فيَفتَحُون لِي، فأَدخُلُ، فإِذَا الجَبَّارُ مُستَقبِلِي، فأَسجُدُ له، فيَقولُ: ارْفَْع رأْسَكَ يا مُحمَّدُ، وتَكلَّمْ يُسْمَعْ مِنكَ، وقُلْ يُقبَلْ منكَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأَرفَعُ رَأسي، فأَقولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي يا رَبِّ، فيَقولُ: اذْهَبْ إلى أُمَّتِكَ، فمَن وَجَدْتَ في قَلبِه مِثقالُ حَبَّةٍ من شَعيرٍ منَ الإيمانِ فأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، فأَقبَلُ فمَن وَجَدتُ في قَلبِه ذلك فأُدخِلُه الجَنَّةَ».
ومن مناقبه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه لم يُصَدَّق نَبيٌّ منَ الأنبياءِ ما صُدِّقَ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: لم يكُن لنَبيٍّ من أتباعٍ مثلُ ما كان لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفي هذا إشعارٌ بأنَّ أكثريَّةَ الأتباعِ على الحَقِّ تُوجِبُ أفضليَّةَ المتبوعِ، فأكرَمَ اللهُ عزَّ وجلَّ هذه الأمَّةَ إكرامًا لنبيِّها، فلا تأتي أُمَّةٌ يومَ القيامةِ مِثلَ أُمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ أُمَّتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نِصفُ أهلِ الجَنَّةِ، كما في الصَّحيحَينِ، بل ثُلُثاها كما هو عندَ أحمَدَ والتِّرمِذيِّ وابنِ ماجَه.
ويُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ هناك نَبيًّا ما صَدَّقَه من أُمَّتِه ولم يُؤمن به من قَومه إلَّا رَجُلٌ واحِدٌ.
وفي الحديثِ: بيانُ التَّكريمِ الربَّانيِّ لنبيِّنا مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: إثباتُ الشَّفاعةِ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.