مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه488
مسند احمد
حدثنا أبو سعيد، حدثنا عبد العزيز يعني ابن عبد الله بن أبي سلمة، حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أم سليم، على حصير قديم قد تغير من القدم " قال: " ونضحته بشيء (1) من ماء فسجد عليه " (2)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حَسَنَ العِشرَةِ لأصحابِه، ليِّنًا لهم برَحمةٍ مِن اللهِ تعالى، ويَزورُهم ويَتعاهدُهم، وكانَ أشدَّ النَّاسِ تَواضُعًا مع ما حَباهُ اللهُ تعالى من الفَضائِلِ الجَليلةِ والخَصائِص العَظيمةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنه: "كان"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "يَزورُ أُمَّ سُلَيمٍ" رَضِيَ اللهُ عنها، وهي أُمُّ أَنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وكانت بينَهم قَرابةٌ من ناحيةِ أُمِّه؛ فهي مِن بَني النَّجَّارِ أخوالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَزورُها "فتُدْرِكُه الصَّلاةُ أحيانًا"، أي: يَدْخُلُ وقتُ الصَّلاةِ وهو عِندَهم، "فيُصلِّي على بِساطٍ" لهم، والبِساطُ: اسمٌ لكُلِّ ما يُفْرَشُ على الأرضِ، وكان هذا البِساطُ مِن حَصيرٍ، وكان منسوجًا من وَرِقِ النَّخْلِ، "نَنضَحُه بالماءِ"، أي: نَرُشُّه بالماءِ لتَليينِه وتَنْظيفِه، وهذا يدلُّ على حُسنِ تَواضُعِه صلَّى الله عليه وسلَّم وعَدمِ تَرفُّعِه عن الصَّلاةِ على كلِّ ما يُفرَشُ ولو كان قديمًا وغيرَ نَفيسٍ، ما دام هذا المفروشُ طاهِرًا.
ولعلَّ المقصودَ بهذه الصَّلاةِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي النَّوافِلَ القَبْليَّةَ عِندَهم، ثمَّ يَذْهَبُ إلى المسجدِ ليُصلِّيَ بالنَّاسِ الفريضةَ، أو لعلَّ المقصودَ صلاةُ الضُّحى.