مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 358
مسند احمد
حدثنا زيد بن الحباب، أخبرنا حسين بن واقد، عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: «أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القديد بالمدينة من قديد الأضحى»
شرَعَ اللهُ عزَّ وجلَّ للمُسلمينَ عِيدَ الأضْحى يومَ العاشرِ مِن ذي الحِجَّةِ، وهو الموافقُ لِيَومِ النَّحرِ لِلحُجَّاجِ، فجعَلَ اللهُ لِغَيرِ الحاجِّ لِمَن يَقدِرُ على الذَّبْحِ أنْ يَتقلَّدَ بنُسكِ الحُجَّاجِ في ذلك اليومِ؛ لِيَعُمَّ الخيرُ جَميعَ المسلمينَ في جَميعِ بِقاعِ الأرضِ
,في هذا الحديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِ الله رضِيَ اللهُ عنه: "أكَلْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القَديدَ" وهو اللَّحمُ المُملَّحُ المُجفَّفُ في الشَّمسِ، وهي طَريقةٌ قَديمةٌ لِحِفظِ اللُّحومِ لِمُدَّةٍ مِن الزَّمنِ؛ حتى لا تَفسُدَ، "بالمدينةِ مِن قَديدِ الأضْحى"، بمعنى أنَّهم كانوا يَدَّخِرون مِن لُحومِ الأضاحيِّ ويَحفَظونها؛ لِيأْكُلوا منها متى شاؤوا
وقد كان الصَّحابةُ رُضوانُ اللهِ عليهم وَقَّافِينَ عندَ حُدودِ الله، ويَمتَثِلون أمْرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن أَكْلِ لُحومِ الأَضَاحِيِّ بعدَ ثلاثةِ أيَّامٍ، وهي أيَّامُ التَّشريقِ التي بعْدَ يومِ الأَضْحَى، وقد ورَد في صَحيحِ مُسلمٍ أنَّ هذا النَّهيَ كان مِن أجلِ الدَّافَّةِ الَّتي نزَلَتْ بالمدينةِ، والدَّافَّةُ هم الجُماعةُ مِن النَّاسِ، وكان قد نزَلَ بالمدينةِ أناسٌ كَثيرٌ فُقراءُ مَساكينُ يَحتاجون إلى الطَّعامِ، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَدَمِ الادِّخارِ؛ لِيُخرِجَ لهم النَّاسُ ما عِندَهم مِن لُحومِ الأضاحيِّ، ثمَّ لَمَّا زالَتْ هذه العِلَّةُ أمَرَهم بالأكْلِ والادِّخارِ مِن الأضاحيِّ ما شاؤوا