مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه543
مسند احمد
حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس قال: كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرقصون ويقولون: محمد عبد صالح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما يقولون؟ " قالوا: يقولون: محمد عبد صالح
الإسلامُ دِينُ يُسرٍ؛ فقد رَفَعَ اللهُ به الحَرَجَ والضِّيقَ والإثْمَ عنِ النَّاسِ، ووَسَّعَ عليهم دونَ تَجاوُزِ المُباحاتِ والحَلالِ في كُلِّ شَيءٍ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه "أنَّ الحَبَشةَ" وهمُ المَنسوبونَ إلى بِلادِ الحَبَشةِ، وهُم جِنسٌ مِن أجناسِ السُّودانِ، "كانوا يَزفِنونَ بَينَ يَدَيْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، الزَّفْنُ: الرَّقصُ، والأصلُ فيه اللَّعِبُ والدَّفعُ، فكَأنَّه لَعِبٌ فيه حَرَكةً سَرِيعةٌ، وهو مَا كانَ يَشتَهِرُ به الأحباشُ مِنَ اللَّعِبِ بِالحِرابِ، وعَبَّرَ بذلك عن لَعِبِهم؛ لِأنَّ وُثوبَهم وطَفرَتَهم كانَتْ تُشبِهُ في صورَتِها صورةَ الرَّقصِ، ولم تَكُنْ هذه الصُّورةُ مَقصودةً، وإنَّما المَقصودُ هو إظهارُ فُنونِ استِعمالِ السِّلاحِ، ولم يَكُنْ رَقصًا خَلِيعًا، "فيَتكَلَّمونَ بكَلامٍ لا يَفهَمُه"، يَتكَلَّمونَ بغَيرِ العَربيَّةِ كَلامًا لم يَفهَمْه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما يَقولونَ؟ قالَ: يَقولونَ: محمدٌ عَبدٌ صالِحٌ"، وهذا مِن حُبِّهم لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن أثَرِ إيمانِهم برِسالَتِه، فيُقِرُّونَ بأنَّه عَبدٌ صالِحٌ.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ اللَّهوِ المُباحِ، كما حَدَّدَه الشَّرعُ، وأنَّ في الإسلامِ فُسحةً بما لا يُخِلُّ بثَوابِتِ الدِّينِة.