مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه544
مسند احمد
حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، حدثنا ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدخل أهل الجنة الجنة، فيبقى منها ما شاء الله، فينشئ الله (3) لها - يعني - خلقا حتى يملأها "
نارُ جهنَّمَ هي الدار التي أعدها الله تعالى لعَذابِ العاصينَ والكَافِرينَ، وهي عَظيمةُ الخَلقِ كبيرةٌ واسعةٌ، نسألُ اللهَ السَّلامةَ والعافيةَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَزالُ جَهنَّمُ تقولُ: هل مِن مَزيدٍ؟"، أي: إنَّ جَهنَّمَ كُلَّما أُلقيَ فيها أحَدٌ من الكُفَّارِ والجَبابِرَةِ، تقولُ هل من زِيادَةٍ؟ هل من زِيادَةٍ؟ وقيل: إنَّ الحِكمَةَ في طَلَبِها الزِّيادَةَ طَلَبُ الوَفاءِ بوَعدِ اللهِ؛ فإنَّه تَعالى كما ورَدَ في الصَّحيحينِ قال لِلجَنَّةِ والنَّارِ: "لكُلِّ واحدةٍ منكما مِلؤُها"، ومِن ثَمَّ فإنَّها تَطلُبُ الزِّيادَةَ حتى تَمتلِئَ، ولا تَزالُ على هذه الحالِ"، حتى يَضَعَ رَبُّ العالَمينَ قَدَمَه"، وهذا دَليلٌ على أنَّ للهِ عزَّ وجلَّ قَدَمًا تليقُ بكَمالِه وجَلالِه، والواجبُ الإيمانُ بذلك دُونِ تَحريفٍ أو تَعطيلٍ ودون تَمثيلٍ أو تَكييفٍ؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ليس كمِثلِه شيءٌ.
قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فيَنزوي بعضُها إلى بَعضٍ"، أي: يَنضَمُّ بعض جَهنَّمَ ويَجتمِعُ إلى بَعضِه الآخَرِ، فتقولُ جَهنَّمُ: "بعِزَّتِك قَطْ، قَطْ"، أي: كَفَى كَفَى، "وما يَزالُ في الجَنَّةِ فَضلٌ حتى يُنشِئَ اللهُ لها خَلْقًا، فيُسكِنُهم فَضْلَ الجَنَّةِ"، أي: لا يَزالُ في الجَنَّةِ مُتَّسَعٌ وأماكِنُ خاليةٌ، حتى يُنشِئَ اللهُ لها خَلْقًا فتَمتلِئَ بهم الجَنَّةُ، ويُسكِنَهم اللهُ عزَّ وجلَّ الجَنَّةَ بنَعيمِها، وهذا يَدُلُّ على أنَّ الثَّوابَ ليس مُتَوقِّفًا على الأعمالِ، إنَّما مَحضُ فَضلٍ من اللهِ ربِّ العالَمينَ.
وفي الحديثِ: بيانُ سَعَةِ خَلْقِ اللهِ من الجَنَّةِ والنَّارِ.
وفيه: بيانُ فَضلِ اللهِ على أُمَّةِ الإسلامِ وسَعَةِ رَحمَتِه لهم.
وفيه: إثباتُ صِفَةٍ من صِفاتِ الذاتِ للهِ، وهي صِفَةُ القَدَمِ للهِ عزَّ وجلَّ.