مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 161
مسند احمد
حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: رأيت كأن [ص:198] عنقي ضربت، قال: «لم يحدث أحدكم بلعب الشيطان؟»
الرُّؤيا الصَّادقةُ هي الَّتي يَراها المؤمنُ أو تُرى له، وتكونُ إفاضةً وكَرَمًا مِن اللهِ تَعالَى؛ لِيَستبشِرَ المؤمنُ، أو لِيَأخُذَ حِذرَه، وقدْ يَرى الإنسانُ ما يُوسوِسُ به الشَّيطانُ له مِن أحزانٍ ومَخاوِفَ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رجُلًا جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأخبَرَه أنَّه رَأى في مَنامِه حُلمًا، كَأنَّ رأْسَه قُطِعَ وفُصِلَ عن جَسدِه، وفي رِوايةٍ أُخرى لمسْلمٍ: «فتَدحْرَجَ فاشْتَدَدتُ على أثَرِه» أي: إنَّ رَأسَه وَقَعَ على الأرضِ، وجَعَل يَمْشي وهو يَتْبعُه بجَسدِه، وإنَّما أخبَرَ الرَّجلُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا الحُلمِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَسألُ أصحابَه عن رُؤياهم؛ ففي الصَّحيحينِ عن سَمُرةَ بنِ جُندُبٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا صلَّى صَلاةً أقبَلَ علينا بوَجهِه، فقال: «مَن رَأى منكم اللَّيلةَ رُؤيا؟» قال: فإنْ رَأى أحدٌ قَصَّها، فيقولُ ما شاءَ اللهُ، وفي صَحيحِ مُسلمٍ عن ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: «أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان ممَّا يقولُ لأصحابِه: مَن رَأى منكم رُؤيا فلْيَقُصَّها أعْبُرْها له»
وأخبَرَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا سَمِع الرَّجلَ ضَحِكَ، ولعلَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَعَل ذلك لِيُهوِّنَ على الرَّجلِ الَّذي ربَّما فَزِعَ مِن هذا الحُلمِ الَّذي ظاهِرُه شَرٌّ، وَقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بأَحَدِكُم في مَنامِه»؛ وذلك بأنْ يُرِيَه ما يُخوِّفُه ممَّا لا يَعقِلُ، فيَنبَغي له السُّكوتُ والإعراضُ عنه، ولا يُحَدِّثْ به النَّاسَ؛ فهو لا يَضُرُّه، ويُسَنُّ أنْ يتَعوَّذَ باللهِ مِنه ويَبصُقَ عن يَسارِه ثلاثًا، كما يُستحَبُّ أنْ يتَحوَّلَ عن جَنبِه، كما جاء في حَديثِ جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما في صَحيحِ مُسلِمٍ
وفي الحديثِ: بَيانُ تَرصُّدِ الشَّيطانِ للإنسانِ حتَّى في مَنامِه