مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه76
حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مقيما اعتكف العشر الأواخر من رمضان، وإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين (2) " قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: " لم أسمع هذا الحديث إلا من ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس "
شَهرُ رمضَانَ شَهرٌ مُعظَّمٌ، وقد حَثَّنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الإكثارِ من أعمالِ الخَيرِ فيه، وكان يَعتَكِفُ العَشْرَ الأواخِرَ منه، ويَنقَطِعُ في المَسجِدِ للعِبادةِ والذِّكرِ والصَّلاةِ، والْتِماسِ لَيلةِ القَدْرِ.
كما يقولُ أَنَسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه في هذا الحَديثِ: "كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا كان مُقيمًا" في المَدينةِ غيرَ مُسافرٍ "اعتَكَفَ العَشْرَ الأواخِرَ مِن رَمَضانَ" كعادَتِه في الاعتِكافِ، والاعْتِكافُ: المَقصودُ بِه التَّفرُّغُ للعِبادةِ والخَلْوةِ بِاللهِ تعالى في المَسجدِ مع اتِّخاذِ مَكانٍ خاصٍّ للمُكوثِ فيه، وقَطْعُ كلِّ ما يَشغَلُ عن طاعةِ اللهِ وعِبادتِه، وعدَمُ الخُروجِ مِنَ المُعتَكَفِ إلَّا لضَرورةٍ شَرعيَّةٍ مُباحةٍ، كالخَلاءِ والتَّمرُّضِ ونَحوِ ذلك، "وإذا سافَرَ" خارِجَ المَدينةِ في رمضانَ لم يَعتَكِفْ في السفَرِ تَخفيفًا على الناسِ، وإذا عادَ "اعتكَفَ من العامِ المُقبِلِ عِشرينَ"، وهُم العَشْرُ الأواسطُ مِن رَمضانَ والعَشَرةُ الأخيرةُ منه؛ تَعويضًا لاعتِكافِ السَّنةِ التي لم يَعتَكِفْ فيها، فتكونُ منها عَشْرٌ تَعويضًا للسَّنةِ الفائتةِ، وعَشْرٌ للسَّنةِ الحاليَّةِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ حِرصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الاعْتِكافِ في رَمَضانَ.
وفيه: أنَّ النَّوافِلَ المُعتادةَ قد تُقضَى إذا فاتَتْ كما تُقضَى الفَرائِضُ.