مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه806
مسند احمد
حدثنا يحيى بن سعيد، عن حميد قال: سئل أنس: عن صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم تطوعا، قال: " كان يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم "
وفي هذا الحَديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَصومُ أحيانًا مِن شَهرٍ كثيرًا حتَّى يُظَنَّ أنَّه لا يُفطِرُ، ويَترُكُ الصِّيامَ مِن شَهرٍ آخرَ فلا يَصومُ إلَّا قَليلًا منه حتَّى يُقالَ: إنَّه لا يَصومُ منه، وكان لا يَصومُ شَهرًا كاملًا إلَّا شَهرَ رَمضانَ؛ وذلك لأنَّه شَهرُ الفَريضةِ، والتَّنبيهُ عليه مِن بابِ النَّفْيِ لغَيرِه؛ وهو أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان لا يَصومُ شَهْرًا كاملًا تَطوُّعًا، بلْ يَصومُ مِن كلِّ شَهرٍ مِن شُهورِ السَّنةِ أيامًا منه، ولمْ يَستكمِلْ صِيامَ شَهرٍ غَيرِ رمضانَ؛ لِئلَّا يُظَنَّ وُجوبُه، وكان أكثرُ الشُّهورِ الَّتي يَصومُ فيها شَعبانَ، فكان يَصومُ غالِبَه؛ لئلَّا يَلتبِسُ ذلك بالفَرائضِ، ولكيلا يَعُدَّه مَن لا يَعلَمُ منها.
وفي الحَديثِ: أنَّ أعمالَ التطوُّعِ ليستْ مَنوطةً بأوقاتٍ مَعلومةٍ، وإنَّما هي على قدْرِ الإرادةِ لها والنَّشاطِ فيها.
وفيه: بَيانُ فضْلِ شَهرِ شَعبانَ، والحثُّ على إكثارِ الصِّيامِ فيه.
وفيه: مَشروعيَّةُ ألَّا يَخلُوَ شَهرٌ مِن الشُّهورِ عن صَومِ التَّطوُّعِ.