مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه858
مسند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن بكير بن الأخنس، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: مر على النبي صلى الله عليه وسلم بهدية - أو بدنة - فقال: " اركبها ". فقال: يا رسول الله، إنها هدية - أو بدنة - قال: " وإن "
أرسلَ الله تعالَى نبيَّه مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَحمةً للعالَمينَ، وجعَل في امتِثالِ أمْرِه واجْتِنابِ نَهْيِه النَّجاةَ في الدُّنيا والآخِرةِ، فكانتْ طَريقتُه التَّيسيرَ على الناسِ في عِباداتِهم وحَياتِهم.
وفي هذا الحديثِ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأى رجُلًا ماشيًا على قَدمَيه، ويَسوقُ أمامَه بَدَنةً قدْ أهْداها إلى البَيتِ الحرامِ يَتقرَّبُ بها إلى اللهِ تعالَى، والبَدَنةُ: تكونُ مِن الإبلِ خاصَّةً، وقيل: البُدْنُ تُطلَقُ على الإبلِ والبقَرِ. فأمَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِرُكوبِها؛ ليَستريحَ مِن تَعَبِه الذي حَصَلَ له مِن مَشقَّةِ المَشْيِ، فأخْبَرَه الرَّجُلُ أنَّها بَدَنةٌ مُهداةٌ إلى الكَعبةِ، فكيف يَركَبُها؟ فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المرَّةِ الثانيةِ أو الثالثةِ: «اركَبْها، وَيلَكَ!» وأصلُ الوَيلِ: العذابُ الشَّديدُ، وهو غيرُ مَقصودٍ هنا، وإنَّما أرادَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَغلُظَ له في القَولِ لِيركَبَها.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ رُكوبِ الهَدْيِ.
وفيه: النَّدْبُ إلى المُبادَرةِ إلى امتثالِ أمْرِ اللهِ ورَسولِه، وزجْرٌ مَن لم يُبادِرْ إلى ذلك، وتَوبيخُه.