مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه906
مسند احمد
حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا أبو معيد، (1) حدثنا مكحول، عن أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله، متى ندع الائتمار بالمعروف، والنهي عن المنكر؟ قال: " إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل، إذا كانت الفاحشة في كباركم، والملك في صغاركم، والعلم في رذالكم "
مدَح اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابِه أمَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، وجعَل لها الخيريَّةَ وفضَّلَها على الأُممِ، وعلَّلَ ذلك بأَمْرِهم بالمعروفِ ونَهْيِهم عَنِ المنكَرِ، وجاءَت أحاديثُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم كثيرةً تُؤيِّدُ ذلك، وتَحُثُّ وتُرغِّبُ فيهما.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "والَّذي نَفْسي بيَدِه"، أي: مُقسِمًا باللهِ عزَّ وجلَّ؛ وذلك لأنَّ اللهَ هو الَّذي يَملِكُ الأنفُسَ، وكثيرًا ما كان يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بهذا القسَمِ، فيَقولُ: "لتَأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهَوُنَّ عن المنكَرِ"، أي: إمَّا أن تَحرِصوا على الأمرِ بالمَعْروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ، والمعروفُ: هو كلُّ ما حَسُنَ مِن الأفعالِ والأقوالِ، وأدَّى إلى طاعةِ اللهِ وإعانةِ النَّاسِ؛ فهُوَ اسمٌ شاملٌ لجميعِ أبوابِ الخيرِ، والمنكَرُ: هو كلُّ ما قَبُح مِنَ الأفعالِ والأقوالِ وأدَّى إلى معصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهو اسمٌ شاملٌ لجميعِ أبوابِ الشَّرِّ، "أو لَيُوشِكَنَّ اللهُ أن يبعَثَ عَليكُم عِقابًا مِنه"، أي: إذا توَقَّفتُم عَنِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ فقَد اقتَربتُم مِن أن يُرسِلَ اللهُ عليكم عَذابًا مِن عِندِه؛ عِقابًا لكُم على ذلك، "ثُمَّ تَدْعونَه فلا يَستَجيبُ لكُم"، أي: مُبالَغةً في العُقوبةِ لكُم إنْ دعَوْتُم اللهَ أن يَرفَعَ عنكُم العذابَ فلَن يستجيبَ لكُم ولن يرفَعَ عنكُم العذابَ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ والتَّرهيبُ مِنْ تَرْكِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عَن المنكَرِ.