‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه986

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه986

حدثنا بهز، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس قال: مات ابن لأبي طلحة من أم سليم. فقالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه، قال: فجاء فقربت إليه عشاء، فأكل وشرب، قال: ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، فوقع بها، فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة، أرأيت أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت، وطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسب ابنك، فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بارك الله لكما في غابر ليلتكما ". قال: فحملت، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقا، فدنوا من المدينة، فضربها المخاض، واحتبس عليها أبو طلحة، وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو طلحة: يا رب، إنك لتعلم أنه يعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج، وأدخل معه إذا دخل، وقد احتبست بما ترى، قال: تقول أم سليم: يا أبا طلحة، ما أجد الذي كنت أجد، فانطلقنا، قال: وضربها المخاض حين قدموا، فولدت غلاما، فقالت لي أمي: يا أنس، لا يرضعنه أحد حتى تغدو به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما أصبحت احتملته وانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فصادفته ومعه ميسم فلما رآني قال: " لعل أم سليم ولدت؟ " قلت: نعم. قال: فوضع الميسم، قال: فجئت به فوضعته في حجره. قال: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعجوة من عجوة المدينة، فلاكها في فيه حتى ذابت، ثم قذفها في في الصبي، فجعل الصبي يتلمظ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انظروا إلى حب الأنصار التمر "، قال: فمسح وجهه وسماه عبد الله (1)

كانَ المُسلمونَ على عهْدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَلتَمِسونَ البرَكةَ والرَّحمةَ والخيرَ كلَّه منْه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِي اللهُ عنه أنَّه لمَّا وَلَدَتْ أمُّ سُلَيمٍ -وهيَ أمُّ أنسِ بنِ مالكٍ، وكانتْ زَوجًا لأبي طَلْحةَ الأنصاريِّ، وكان هذا المولودُ منه، واسَمُه عبدُ الله- قالت له: «يا أَنَسُ، انظُرْ هذا الغُلامَ، فلا يُصِيبَنَّ شَيئًا حتَّى تَغْدوَ بهِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحنِّكُهُ»، أي: خُذْ أخاكَ المَولودَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا تَجعَلْ أحدًا يُطعِمُهُ شيئًا قبْلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ليُحنِّكَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدَيْهِ ومِن فَمِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. والتَّحْنيكُ: هو مَضْغُ التَّمرِ وتَنعيمُه في الفَمِ، ثمَّ وضْعُه في فَمِ المولودِ ومَسحُ جانِبَيْ فَمِهِ به.
قال أنسٌ: «فَغَدَوْتُ به»، أي: ذهبتُ به صباحًا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، «فإذا هو في حائطٍ» وهو بُستانٌ أو حَديقةٌ مُحاطةٌ بسُورٍ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَلبَسُ خَمِيصَةً حُرَيْثِيَّةً، وهي ثَوبٌ أسودُ مِن الصُّوفِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَجعَلُ عَلاماتٍ على الإبِلِ التي غَنِمَها زمَنَ فَتْحِ مكَّةَ الذي وقع في السَّنةِ الثَّامِنةِ من الهِجرةِ، وذلك بأن يَكْوي الإبلَ والغَنَمَ بالحديدِ المَحْمِيِّ في أفخاذِها أو مُؤخِّراتِها، وفائِدةُ الوَسمِ التمييزُ وليَرُدَّها من أخَذَها، ومن التقَطَها.
وفي الحَديثِ: بيانُ ما كان عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من التواضُعِ وفِعلِ الأشغالِ بيَدِه ونَظَرِه في مصالحِ المسلِمين.
وفيه: مَشروعيَّةُ إيلامِ الحيوانِ للحاجةِ.