مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 139
مسند احمد
حدثنا إسحاق، حدثنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: «كنا نتمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، حتى نهانا عمر أخيرا» يعني النساء
أسَّسَ الإسْلامُ نِظامَ الزَّواجِ الشَّرعيِّ لِحِفْظِ النَّسْلِ والأعْراضِ، ونَهى عمَّا كان مُنتشِرًا في الجاهليَّةِ من طُرقٍ للتَّمتُّعِ بالنِّساءِ بما لا يَحفظُ لهُنَّ حُقوقَهُنَّ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عَطاءُ بنُ أبي رَباحٍ أنَّ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما جاءَ إلى مكَّةَ يُريدُ العُمرةَ، فأتاهُ بَعضُ التَّابِعينَ في مَكانِه الَّذي يَنزِلُ ويُقيمُ فيه، فجَعلوا يَسْألونَه عن أُمورِ الدِّينِ ويَستَفتونَه فيها، وهذا كان شأنَ التَّابِعينَ أنَّهم يحرِصونَ على تَلقِّي العِلمِ من صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ سألوهُ عن نِكاحِ المُتعةِ، وهو أنْ يَستمتِعَ الرَّجُلُ بامْرأةٍ مقابِلَ أجْرٍ يتَّفِقانِ عليهِ ولمدَّةٍ مَعلومةٍ، ويَنتَهي بانْقِضاءِ الأجَلِ. فقال جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه: «نَعمْ، استَمتَعْنا على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأبي بَكرٍ وعُمرَ»، أي: وفي عَهدِ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهُ، وفي عَهدِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهُ، وفي رِوايةٍ أُخْرى لمسلِمٍ: «كنَّا نَستمتِعُ بالقَبْضةِ مِنَ التَّمرِ والدَّقيقِ، الأيَّامَ على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأبي بَكرٍ، حتَّى نَهى عَنه عُمرُ، في شأْنِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ»، وكانَ عَمرٌو رَضيَ اللهُ عنه قد استَمتَعَ بامْرأةٍ في عَهدِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه، فحمَلَتْ من زَواجِه هذا، ويُحمَلُ قولُ جابرٍ وفِعلُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما على عدَمِ بُلوغِهِم نَهيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنها
وقد أجازَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِكاحَ المُتعةِ في بادئِ الأمْرِ، ثُمَّ نَهى عنه بعْدَ ذلك في غَزوةِ خَيْبرَ إلى يَومِ القِيامةِ، وحرَّمَها في حَجَّةِ الوَداعِ، كما رَوى ذلك البُخاريُّ ومُسلمٌ وغَيرُهما؛ ففي الصَّحيحَينِ: عن عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنهُ، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «نَهى عن مُتعةِ النِّساءِ يومَ خَيْبرَ، وعن أكْلِ لحومِ الحُمُرِ الإنْسِيَّةِ»، وفي صَحيحِ مُسلمٍ: عن سَلَمةَ بنِ الأكْوَعِ رَضيَ اللهُ عنه قال: «رخَّصَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عامَ أَوْطاسٍ، في المُتعةِ ثَلاثًا، ثُمَّ نَهى عَنها»