‌‌مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 38

‌‌مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 38

حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص (2) بن عمر التيمي، قال: سمعت أبي يقول:
سمعت عمي عبيد الله بن عمر (3) بن موسى يقول: كنت عند سليمان بن علي، فدخل شيخ من قريش، فقال سليمان: انظر الشيخ (4) ، فأقعده مقعدا صالحا، فإن لقريش حقا. فقلت: أيها الأمير، ألا أحدثك حديثا بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى. قال: قلت له: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " من أهان قريشا أهانه الله " قال: سبحان الله ما أحسن هذا، من حدثك هذا؟ قال: قلت: حدثنيه ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن عمرو بن عثمان بن عفان، قال: قال لي أبي: يا بني، إن وليت من أمر الناس شيئا فأكرم قريشا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أهان قريشا أهانه الله " (1)

قُريشٌ هي قَبيلةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأصولُه؛ فلها حقُّ الإكرامِ والإعزازِ بِما لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عندَ المسلِمين.


وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن يُرِدْ"، أي: مَن يقصِدْ

"هوانَ قُرَيشٍ"، أي: ذُلَّهم وإهانتَهم،

"أهانَه اللهُ"، أي: أذَلَّه وأهانَه، وذلك الجزاءُ مِن جنسِ العملِ؛ قيل: والمرادُ بقُرَيشٍ هم المؤمنونَ منهم؛ وذلك لأنَّهم قبيلتُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأصولُه؛ فلهم حقُّ الإكرامِ، فمَن أهانهم بغيرِ إذنٍ شَرعيٍّ استحَقَّ إهانةَ اللهِ له.


وفي هذا الحديثِ قال: "مَن يُرِدْ"، ومعلومٌ أنَّ حُكمَ اللهِ المُطَّرِدَ في عَدلِه أنَّه لا يُعاقِبُ على الإراداتِ، وما تَحدَّثَتْ به الأنفُسُ، إنَّما يُعاقِبُ ويُجازي على الأفعالِ والأقوالِ الواقعةِ، ولكنْ ذكَرَ هنا الإرادةَ للزَّجرِ والوعيدِ، والتَّغليظِ في حقِّ قُرَيشٍ؛ ليكونَ الانتهاءُ عن أذاهم أسرَعَ قَبولًا واتِّباعًا،

وفي رِوايةٌ أخرى: "مَن أهان قريشًا، أهانَه اللهُ عزَّ وجلَّ"؛ فعلى هذه الروايةِ يكونُ المقصودُ مَن سَعَى في ذُلِّهم وإهانتِهم بالفِعلِ.