مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 332
مسند احمد
حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن أبي المتوكل، عن جابر، أنه ابتاع بعيرا بثلاثة عشر دينارا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بكم أخذته؟» قال: بثلاثة عشر دينارا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعنيه بما أخذته، ولك ظهره إلى المدينة»
هذا الحديثُ له قِصَّةٌ؛ فقد ورَدَ في الصَّحيحينِ: عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: "كنتُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفرٍ، فكنْتُ على جَمَلٍ ثَفَالٍ إنَّما هو في آخِرِ القَومِ، فمَرَّ بِيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: مَن هَذَا؟ قلْتُ: جابرُ بنُ عبدِ اللهِ، قال: ما لَكَ؟ قلْتُ: إنِّي على جَمَلٍ ثَفَالٍ، قال: أمعَكَ قَضيبٌ؟ قلْتُ: نعمْ، قال: أعْطِنِيه، فأعْطَيْتُه، فضَرَبَهُ، فزَجَرَه، فكان مِن ذلك المكانِ مِن أوَّلِ القومِ"، وفي هذه الرِّوايةِ يُخبِرُ جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه كان قدِ اشْتَرَى هذا الجمَلَ بثلاثةَ عَشَرَ دِينارًا، "فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بكمْ أخذْتَهُ؟ قال: بثلاثةَ عَشَرَ دِينارًا، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بِعْنِيه بما أخذْتَه"، أي: بنفْسِ سِعْرِه، "ولك ظَهْرُه إلى المدينةِ" فاشْتَراهُ منه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في السَّفَرِ على أنْ يَبقَى جابرٌ راكبًا عليه ومُنتفِعًا به إلى أنْ يأتِيَ المدينةَ، فيَقْبِضَه منه صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا شَرْطٌ مَقبولٌ في البيعِ؛ لأنَّه بَيعٌ مَعلومٌ إلى أجَلٍ مَعلومٍ، حُدِّدَ فيه مَوعدُ تَسليمِ السِّلعةِ
وقولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "بِعْنِيه بما أخذْتَه" تُفِيدُ أنَّه أخَذَه بَيعًا مِن جابرٍ، وقد بيَّنَت الرِّواياتُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرادَ أنْ يُعِينَ جابرًا؛ لأنَّه كان يَعُولُ أَخَواتِه البَناتِ بَعدَ مَوتِ أبيه في غَزْوةِ أُحُدٍ، وهذا مِن حُسنِ مُراعاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأحوالِ أصْحابِه، فبايَعَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جَمَلِه على اسمِ البَيعِ؛ لِيَتوفَّرَ عليه بِرُّه، ويَبْقى عليه البعيرُ قائمًا على مُلْكِه؛ فيكونُ ذلك أهْنَأَ لِمَعروفِه، ولمْ يُرِدْ بَيعًا حَقيقيًّا، وقدْ ورَدَ اختِلافُ الرِّواياتِ في الثَّمَنِ
وفي الحديثِ: مَشْروعيَّةُ طَلَبِ شِراءِ سِلْعةٍ وإنْ لم يَعرِضْها صاحبُها للبَيعِ، واشْتِراطِ مَنفعةٍ مُعيَّنةٍ في العَيْن المَبِيعةِ
وفيه: بيانُ حُسنِ عِشرَةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه ومُعاونتِه لهم